الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرأة المتزوجة التي ارتكبت الزنا وتابت هل ينكشف سترها في الآخرة؟

السؤال

ارتكبت الزنا 10مرات تقريبًا، وبعد أن توقفت عن الزنا كنت أتحدث مع رجال غرباء على الهاتف عن الجنس، ومنذ عام توقفت عن كل هذا، ولم أكن أصلي، وكاد زوجي أن يعرف، ولكن الله سترني، وأنا الآن أصلي، وأحفظ القرآن، ولا أصدق أنني كنت تلك الإنسانة البشعة، ونادمة على كل ما فعلت، وأخاف من عقاب الله، كما أخاف أن يعرف زوجي ما فعلت يوم القيامة، ولا يسامحني، وأعيش في همّ وعذاب خوفًا من عقاب الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، ولا سيما إذا كان من محصنة، لكن مهما عظم الذنب، فإن من سعة رحمة الله، وعظيم كرمه أنه يقبل التوبة، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس، وعدم المجاهرة بالذنب.

فإذا كنت قد تبت توبة صحيحة، فأبشري بعفو الله، ومغفرته، وستره عليك في الدنيا والآخرة، فإنّ من تاب توبة صحيحة لم يعاقب على ذنبه، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، قال ابن تيمية -رحمه الله-: ونحن حقيقة قولنا: إن التائب لا يعذب لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعًا، ولا قدرًا.

وما دام الله قد سترك في الدنيا، فنرجو أن يسترك يوم القيامة بفضله، وكرمه، ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا يَسْتُرُ اللهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا، إِلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وفي صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني