الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإصرار على المعاصي وقبول الأعمال

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سؤالي هل يقبل الله الأعمال من المصر على معصية كالزنا واللواط والسرقه وغيرها؟ وذلك ليس للتمادي في المعاصي ولكن للمعرفة وأقصد من ذلك هل الأعمال تقبل من حيث كفة حسنات وسيئات؟ وهل يقبل الله الصدقات والأعمال الصالحة من التائب من المعاصي كالقاتل وغيره؟
مشكورين وجزاك الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن إتيان الكبائر وفعل الصغائر، والإصرار عليها لا تأثير له على قبول الأعمال الصالحة التي يفعلها العبد، ويستثنى من هذا ما ورد بشأن الشرك الأكبر في كونه محبطا لجميع الأعمال، أو الشرك الأصغر في كونه محبطًا لما قارنه من العمل، قال الله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]. ويدخل في هذا أيضًا بطلان الثواب بالوقوع في المن والأذى، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [البقرة:264]. وقد ورد النص أيضًا ببطلان ثواب صلاة شارب الخمر، ومن يأتي كاهنًا أو عرافًا مع الإجزاء وبراءة الذمة. لكن بعد هذا كله، فإن من يأتي الكبائر ويصر على الصغائر فهو في خطر من هذا الجانب، فقد نقل ابن مفلح في الآداب الشرعية عن ابن تيمية قوله: الكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات، ولكن قد تحبط ما يقابلها عند أكثر أهل السنة. قال ابن مفلح : واختاره - أي ابن تيمية - أيضًا في مكان آخر، قال كما دلت عليه النصوص، واحتج بإبطال الصدقة بالمن والأذى. اهـ قال ابن مفلح بعد ذلك: قال في نهاية المبتدئ: وقالت عائشة لأم ولد زيد بن أرقم: أخبري زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب، ثم ذكر يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الحجرات:2]الآية. وحديث عائشة هذا قد رواه البيهقي في سننه، والدارقطني وعبد الرزاق في المصنف. وإذا ثبتت خطورة ارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر فالواجب المبادرة إلى التوبة. هذا في ما يتعلق بالسؤال الأول. وأما السؤال الثاني، فجوابه يظهر من خلال إجابة السؤال الأول، فإن الطاعات قد تقبل مع إتيان الذنوب، فقبولها مع التوبة منها أولى وأحرى - بإذن الله تعالى - بل إن التائب من الذنوب قد يبدل الله سيئاته حسنات، كما وعد بذلك في قوله: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70]. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني