الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على المرأة طاعة زوجها في الفراش وعليه الرفق بها

السؤال

ما حكم الزوجة التي لا تستجيب في كل المرات لرغبات زوجها الجنسية والتي يمكن أن يقال عنها يومية، بسبب الوضوء الأكبر واضطرارا لعدم احترام المواقيت الشرعية للصلاة أحيانا، علما وأنها عاملة-منصب مسؤولية- لحاجة الأسرة لذلك، طوال اليوم وخلال كل أيام الأسبوع ما عدا الجمعة، بالإضافة إلى مشقة الأشغال المنزلية التي تدوم يوميا إلى غاية منتصف الليل تقريبا لانقطاع في المياه نهارا. فهل هي مذنبة? وما هي نصيحتكم? جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالواجب على الزوجة طاعة زوجها إذا دعاها إلى الفراش، ما لم يكن لها عذر؛ وإلا تعرضت للوعيد الشديد الذي جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

«إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح»

أمّا إذا كان للمرأة عذر: كانشغالها بأداء الفرائض التي تفوت بفوات وقتها، أو كون الجماع يضرها بسبب مرض أو نحوه أو كونها متعبة تعبا شديدا بسبب كثرة الأعمال المنزلية؛ فلا حرج عليها في عدم استجابتها لطلبه؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" (رواه ابن ماجه عن ابن عباس)

ولأنّ جبرها على الجماع في هذه الأحوال مناف للمعاشرة بالمعروف المأمور به، في قوله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف"

قال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع:

"وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت على أي صفة كانت ....ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، فليس له الاستمتاع بها إذن لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف." انتهى منه مختصرا.

وفي هذه الحالة ينبغي أن تعتذر منه بلطف وحكمة، وأن تبين له ما هي مشغولة به مما يفوت لو أخرته، أو الضرر الذي يلحقها، ولا يكون رفضها للاستمتاع رفضا جافًّا، ليبقى حبل المودة بينهما موصولا غير مقطوع.

وأمّا صعوبة الاغتسال؛ فليست عذرا يبيح الامتناع من الجماع؛ فإذا لم تستطع الزوجة الاغتسال لعدم وجود الماء أو تعذر استعماله؛ فإنها تتيمم، ولا تؤخر الصلاة عن وقتها، فقد جاء في سؤال لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:

"...وهل للمرأة أيضا منع الزوج من الجماع إذا كانت لا تقدر على الغسل؟ أم تطيعه وتتيمم؟"

فكان في جوابه:

"وليس للمرأة أن تمنع زوجها من الجماع. بل له أن يجامعها فإن قدرت على الاغتسال وإلا تيممت. وكذلك الرجل إن قدر على الاغتسال وإلا تيمم." انتهى من مجموع الفتاوى."

ولا يجب على الزوجة الخروج للكسب لتعين زوجها على الإنفاق، بل الواجب على الزوج؛ الإنفاق على زوجته وأولاده بالمعروف، وانظري الفتوى: 175825.

ونصيحتنا للزوجين أن يقفا عند حدود الله، ويتفاهما ويتطاوعا في المعروف، ويراعيا ترتيب الأولويات وإعطاء كل ذي حقّ حقّه، وأن يحرصا على ما يقوي ويديم التواد والتراحم بينهما، وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنساء وحضّ على الإحسان إليهن والرفق بهن في مناسبات متعددة، ففي سنن الترمذي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم:... اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا.

قال عياض -رحمه الله- في إكمال المعلم بفوائد مسلم: فيه الحض على الرفق بهن. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني