الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يقع الطلاق إذا لم يتحقق الشرط المعلق عليه

السؤال

طلقني زوجي طلاقا مشروطا بهذه الصيغة تقريبا: إذا حملت برنامج كذا أو تحدثت مع أي رجل في غير ما يرضي الله أو لغير حاجة بقصد أو بغير قصد فأنت طالق طلاقا محرما ـ وبعدها بأيام تراجع عن ذلك بحكم مجال دراستي وتحدثي مع الرجال بشكل متكرر، ومن خلال نقاشنا وحديثنا في الموضوع حول أنه قال في الطلاق بقصد أو بغير قصد، قال إنه يقصد أن الطلاق يقع إذا كان بقصد، لأن ذلك لن يحدث إلا بقصد متعمد وكانت محادثات لغير حاجة أو بغير هدف، وقال إنه إذا وقع تقع طلقة واحدة فقط، مع أنه حدد الطلاق بطلاق مُحرّم، وبعد فتره قرأت عن الطلاق المشروط وأحكامه وعرفت أنه إذا كان بنية التهديد فإنه تلزمه كفارة يمين، فأخبرته بذلك الحكم وطلبت منه أن يتأكد من أحد المفتين، وبعدها حدث بيننا كلام انتهى بأنه غير مقتنع بالتراجع وسوف يستفتي عن ذلك ويتراجع، وبعد ذلك بفترة جاءتني رسائل على أحد حساباتي الخاصة من شخص كنت قد تحدثت معه قبل الطلاق، فطلبت من إحدى قريباتي أن تستخدم الحساب حتى لا يقع علي الطلاق، وغيرت اسم الحساب إلى اسمها، وأن تطلب من الشخص أن لا يرسل شيئا بأي طريقة كانت حتى لا يسبب لي مشكلة، وبعد إرسال تنبيه ونداء للشخص منعتها من الاستمرار، فوسوس لي الشيطان بأن الطلاق سوف يقع لو تحدثت هي معه، وبعدها أخبرني زوجي أنه لن يتراجع، والآن لم أتحدث معه أو مع غيره مطلقا ومتيقنة أن الطلاق لم يقع لأنني لم أعمل أيا من الشروط، ولكن الشيطان يوسوس لي دائما أن الطلاق وقع عندما أرسلت له قريبتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا أن من علّق طلاق زوجته على شرط، لم يملك التراجع عنه، وإذا تحقق الشرط وقع الطلاق؛ سواء قصد إيقاع الطلاق، أو قصد مجرد التهديد أو التأكيد أو المنع، وهذا قول أكثر أهل العلم، لكنّ شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يرى أن من قصد إيقاع الطلاق عند حصول المعلق عليه، فله أن يتراجع عن التعليق ولا شيء عليه، وإذا لم يقصد إيقاع الطلاق، وإنما قصد بالتعليق التهديد أو التأكيد أو المنع، فلا يقع الطلاق بحصول المعلق عليه، وإنما تلزمه كفارة يمين لحنثه، وانظري الفتوى رقم: 161221.

والراجح عندنا أنّ وصف الزوج للطلقة بكونها محرِّمة غير معتبر، ولكن تقع طلقة واحدة رجعية إذا حنث، وانظري الفتوى رقم: 116761.

والعبرة في الأيمان بنية الحالف وقصده بما تلفظ به، وحيث أوضح لك زوجك أنّ قصده باليمين منعك من التحدث مع الرجال في غير ما يرضي الله أو التحدث بغير حاجة، فلا حنث بما قمت به من سؤال المرأة أن تطلب من الرجل ألا يراسلك، وعليه، فمادمت لم تفعلي شيئاً مما منعك منه زوجك بيمينه، فلا حنث عليه ولا يقع عليك طلاق، فلا تلتفتي للوساوس وأعرضي عنها بالكلية، فإن دواء الوسوسة الإعراض عنها وعدم الاسترسال معها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني