الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصرف الأمّ في أموال أطفالها اليتامى

السؤال

جزاكم الله كل خير على جهودكم. أريد أن أسأل عن أبناء أختي اليتامى، فعندما تأتي من الخارج لتقضي معنا الإجازات، قد يختلط غذاؤهم مع حاجيات البيت من عصائر، وبسكويتات، وقد يأكل منها من في البيت، فهل هذا من أكل مال اليتيم؟ وكيف السبيل إلى رد مثل هذه الهدية من الأطفال، مع رعاية مشاعرهم؟ علمًا أنك لو رددتها عليهم، يحسون أنهم أقل من غيرهم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: ليس لأختك في الأصل حق في التصرف في أموال أطفالها اليتامى؛ وذلك أنه ليس للأم في الأصل ولاية على مال أطفالها الأيتام، إلا في أضيق الحدود، إذا لم يوجد وصيٌّ من والدهم المتوفى، ولم تعين لهم المحكمة وليًّا عليهم؛ فيجوز للأم حينئذ أن تتولى أموال أيتامها؛ إما بالحفظ فقط، أو بالتصرف أيضًا، جاء في مطالب أولي النهى عن الولاية على مال الصغير: وَالْأُمُّ، وَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ، لَا وِلَايَةَ لَهُمْ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَحَلُّ الْخِيَانَةِ، وَمَنْ عَدَّ الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا قَاصِرٌ عَنْهُمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى الْمَالِ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ، وَلَهُ مَالٌ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَصِيٌّ، وَلَهُمْ أُمٌّ مُشْفِقَةٌ: يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهَا؛ لِتَحْفَظَهُ لَهُمْ، (وَيَتَّجِهُ أَنَّ لَهَا؛ أَيْ: الْأُمِّ، وِلَايَةً فِي الْحِفْظِ فَقَطْ، لَا فِي التَّصَرُّفِ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ؛ فَتُسَلِّمُهُ لِثِقَةٍ أَمِينٍ -شَرِكَةً، أَوْ مُضَارَبَةً- لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا، وَيُنَمِّيَهُ، وَتُبَاشِرُ هِيَ أَوْ أَمِينُهَا حِسَابَهُ وَالِاسْتِيفَاءَ، وَلَا تُهْمِلُهُ؛ لِئَلَّا يَضِيعَ، أَوْ تُتْلِفَهُ النَّفَقَةُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. اهـ.

وإذا تصرفت في أموالهم، فإنه يتعين عليها أن تتصرف بما هو أحظ لهم، وليس لها أن تُهدي منه، أو تتصدق منه، فإذا قدمت عليكم بهدايا من أموال أيتامها، لم يجز لكم أن تقبلوها، وبينوا لها فيما بينكم وبينها أنه ليس لها ذلك.

ولا بأس من المخالطة في الطعام والشراب، وهو المقصود بقوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:220}.

وقد ذكرنا أقوال الفقهاء في الأكل والضيافة من مال اليتيم بما يغني عن الإعادة هنا، فانظر لذلك الفتوى رقم: 294667.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني