الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على من أتى العراف إعادة صلوات أربعين يوما؟

السؤال

كان على الإنترنت شخص يقول: إن تحدثنا معه لعشر دقائق فإنه سيعرف صفاتنا، وبعض مشاكلنا، وأنها هبة من الله، بدأت بالتحدث معه، وقال لي بعض الصفات والمشاكل، ومن الواضح أنها كانت تخمينات؛ لأن كل ما تحدثنا عنه لا يمت بأي صلة لما يقول، وكنت ناسية بأن هذا قد يعد تنجيماً، وعندما تذكرت أوقفت الحديث معه. الآن أنا أخاف أن لا يقبل لي عمل أربعين يوماً. هل يجب علي أن أقضي صلاة أربعين يوماً؟ وعلي قضاء سابق فهل أقضيه الآن أم بعد أربعين يوماً؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أخرج مسلم في صحيحه: عن صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.

والمراد بالحديث: أن من أتى العراف، فلا يثاب على صلواته ثواب أهل الرضا والإكرام، وأما إعادة صلوات الأربعين ليلة: فقد اتفق العلماء على أن لا تجب عليه، قال القرطبي: وقوله: (( من أتى عرافا لم تقبل له صلاة أربعين يوما )) ؛ العراف : هو الحاوي والمنجم الذي يدعي الغيب ، وهذا يدل على أن إتيان العرافين كبيرة، وظاهره أن صلواته في هذه الأربعين تحبط، وتبطل، وهو جار على أصول الخوارج الفاسدة في تكفيرهم بالذنوب. وقد بينا فساد هذا الأصل فيما تقدم. وأنه لا يحبط الأعمال إلا الردة. وأما غيرها فالحسنات تبطل السيئات؛ كما قال تعالى: { إن الحسنات يذهبن السيئات }. وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، فليس معنى قوله: (( لا تقبل له صلاة )) أن تحبط، بل: إنما معناه - والله أعلم - أنها لا تقبل قبول الرضا، وتضعيف الأجر. لكنه إذا فعلها على شروطها الخاصة بها، فقد برئت ذمته من المطالبة بالصلاة، وتقضي عن عهدة الخطاب بها ، ويفوته قبول المرضي عنه، وإكرامه، وثوابه، ويتضح ذلك باعتبار ملوك الأرض. ولله المثل الأعلى، وذلك أن المهدي إليهم: إما مردود، أو مقبول منه، والمقبول: إما مقرب مكرم مثاب، وإما ليس كذلك. فالأول: هو المبعد المطرود، والثاني: هو المقبول القبول القائم الكامل. والثالث: لا يصدق عليه أنه مثل الأول، فإنه لم ترد هديته. بل: قد التفت إليه، وقبلت منه. لكنه لما لم يثب، ولم يقرب صار كأنه غير مقبول منه، فيصدق عليه أنه لم يقبل منه إذ لم يحصل له ثواب ولا إكرام .اهـ. من المفهم.

وفي مرقاة المفاتيح: (من أتى عرافا) قال الجوهري: هو الكاهن والطبيب، وفي المغرب: هو المنجم، وهو المراد في الحديث ذكره بعض الشراح. قال النووي: العراف من جملة أنواع الكهان. قال الخطابي وغيره: العراف هو الذي يتعاطى معرفة مكان المسروق ومكان الضالة ونحوهما. (فسأله عن شيء) أي: على وجه التصديق بخلاف من سأله على وجه الاستهزاء أو التكذيب، وأطلق مبالغة في التنفير عنه، والجملة احتراز عمن أتاه لحاجة أخرى. (لم تقبل له) أي: قبول كمال حيث لا يترتب عليه الثواب أو تضاعفه، وهو الأظهر الأقرب إلى الصواب. قال النووي: فإن العلماء متفقون على أنه لا يلزم على من أتى العراف إعادة صلاة أربعين ليلة .اهـ. باختصار.

وراجع للفائدة الفتويين: 55654 ، 301123.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني