الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لذة الطاعة لا تنال إلا بالعبور على جسر المجاهدة

السؤال

عمري عشرون عامًا، ووالدي متوفى منذ أن كان عمري ست سنوات، ومنذ ذلك الحين وأنا أشعر أن حياتي غمٌّ وهمٌّ، وبعيدة عن كل الناس؛ لدرجة أني وصلت لممارسة العادة، لكني تركتها حاليًّا، ومهما تقربت إلى الله وعملت الطاعات، فحالي لا يتغير، وأسمع من الناس الذين حولي أنهم داوموا على الاستغفار، أو الصلاة، أو قراءة القرآن، فتحققت أحلامهم، أو شعروا بتغير في حياتهم، فلماذا لا أكون مثلهم!؟ حتى إن دعوات يوم عرفة وليلة القدر لم تتحقق، لكن عندي يقين أنها ستتحقق، فلماذا لم تحقق لي أمنية؟ كل يوم أنام على أمل أن يحقق الله لي أمنياتي غدًا، لكن ذلك لم يتحقق بعد، وأيضًا ليس هناك توفيق في حياتي، سواء في الدراسة، أم في علاقاتي مع الناس.أتمنى أن تستجاب دعواتي، وأتمنى أن أشعر بالبركة والتوفيق في حياتي، مع العلم أن علاقتي مع ربنا أفضل عن الأول، فأنا أصلي، وأصوم، وأقرأ القرآن، وأستغفر، أتمنى أن أفرح في حياتي، فقد تعبت، وأتمنى أن أجد شخصًا يفسِّر لي ما أنا فيه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلمي -وفقك الله- أن المؤمن يعيش في هذه الدنيا لغاية كبرى، وهي عبادة الله وحده، والسعي إلى مرضاته سبحانه، وكل لذته وغايته هي أن يتحقق مقصوده من رضى ربه جل وعلا، وأكبر همه أن ينال جنة الله التي عرضها السماوات والأرض.

فالمؤمن قد جعل الهموم كلها همًّا واحدًا، ثم هو مسلّم لحكم الله، راضٍ بقضاء الله، وهو كذلك يعلم أن الله أعلم بمصلحته من نفسه، وأن الله قد يقدر له ما فيه البلاء والشر الظاهر؛ لما في ضمن ذلك من الخير العظيم، والمصلحة الكبيرة، ثم هو مع ذلك كله يجتهد في دعاء الله تعالى، مفوّضًا أموره كلها إليه، ويتهم نفسه دائمًا بالتقصير، وينسب إليها الخلل، ويعلم أنه أتي من قبلها لا من قبل ربه تعالى، الذي منه الخير، والرحمة.

فإذا حضرت في قلبك هذه المعاني، فعليك أن تجتهدي في طاعة ربك لغاية واحدة، هي مرضاته سبحانه، وثقي أنك ستنالين لذة العبادة، وتشعرين بأنس الطاعة؛ مما قد ينسيك أمور الدنيا، وهمومها، وشواغلها، وهذه اللذة بالطاعة لا تنال إلا بالعبور على جسر المجاهدة، كما أوضحنا ذلك في الفتوى ذات الرقم: 139680.

ومع ذلك فارضي بقضاء الله، واستسلمي لحكمه، واجتهدي في دعائه، مع الأخذ بأسباب تغيير الحال إلى ما تحبين، ووطّني نفسك على الرضى بجميع أقضية الرب سبحانه، عالمة أن قضاءه كله خير ورحمة، وحكمة ومصلحة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني