الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف بالطلاق أن لا يلعب البلاستيشن وله أكثر من زوجة

السؤال

كنَّا مجتمعين أنا وإخواني، وحدث إشكال بيننا ونحن نلعب البلايستيشن، فحلفت على الطلاق أني لن ألعب مرة ثانية، ولا أمسك الجهاز؛ بسبب شجار بيننا، وأنا متزوج من اثنتين، فهل يقع الطلاق إذا لعبت مرة ثانية، أم يجب عليَّ أن أبتعد عنه؟ مع العلم أننا نجتمع دائمًا، ويريدون مني العودة، وأن اليمين لا يقع، وإذا وقع اليمين، فهل تقع على زوجة واحدة أم على الاثنتين؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجماهير أهل العلم على أن الحلف بالطلاق؛ سواء أريد به الطلاق، أم أريد به التهديد، أم المنع، أم الحث، أم التأكيد، يقع الطلاق بالحنث فيه، وهذا هو المفتى به عندنا.
وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى: 11592.

وعليه؛ فالمفتى به عندنا أنّك إذا لعبت ثانية، وقع طلاقك على زوجتيك الاثنتين، ما دمت لم تعين واحدة منهما، جاء في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي: لَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي، وَنَحْوُهُ: لَا أَفْعَلُ كَذَا، وَفَعَلَهُ، وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ، فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ نِيَّةٌ، أَوْ سَبَبٌ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ، أَوْ التَّخْصِيصَ، عَمِلَ بِهِ، وَمَعَ فَقْدِ السَّبَبِ وَالنِّيَّةِ، خَرَّجَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ؛... قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنْ قَالَ: "إنْ فَعَلْتُ كَذَا، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ"، وَقَعَ بِالْكُلِّ وَبِمَنْ بَقِيَ، وَإِنْ قَالَ: "عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَأَفْعَلَنَّ"، وَلَمْ يَذْكُر الْمَرْأَةَ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى. وانظر الفتوى: 11532.

وإذا لم يكن الطلاق مكملًا للثلاث، فلك الرجعة في العدة، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة شرعًا، راجع الفتوى: 54195.

وأمّا على قول ابن تيمية -رحمه الله- فإن كنت لم تقصد بيمينك إيقاع الطلاق، ففي هذه الحال؛ لا يقع الطلاق بمعاودتك اللعب، ولكن تلزمك كفارة يمين.

مع التنبيه إلى أنّ هذه الألعاب إذا اشتملت على ما يخالف الشرع، فهي محرمة، وإن خلت من الحرام، فلا ينبغي تضييع الأوقات فيها، وراجع الفتوى: 12491.

واعلم أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق، فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، فينبغي الحذر من الوقوع فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني