الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب الموظف علم بانتقاص حقوق الموظفين

السؤال

وفقكم الله لما يحب ويرضى دائما.
أعمل موظفا في شركة قطاع خاص، ولنا زميل بالشركة، حدثت له إصابة عمل -حادث سيارة- وبناء عليه تقوم التأمينات الاجتماعية بصرف التعويض للمصاب، على أساس راتبه المسجل من قِبلنا لديهم، وتقوم الشركات هنا عموماً بتسجيل راتب أقل مما يتقاضاه الموظفون فعليا؛ لعدم تحمل تكاليف تأمين اجتماعي شهرياً.
والمذكور الآن راتبه الفعلي 5000 ريال، والراتب المسجل بالتأمينات الاجتماعية 1500 ريال. ولهذا السبب سيكون تعويضه المستحق لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، على أساس بدل راتب شهري لفترة معينة، محسوباً على الراتب المسجل، وليس الراتب الفعلي في عقد العمل.
وبحكم وظيفتي، وكمتابع للحالة مع المصاب ومع التأمينات، أعلم تماماً أن ما سيتم صرفه كتعويض للمصاب، أقل من حقه 70% فلو كان التعويض راتب 20 شهر مثلا، سيتم تعويضه بمبلغ 30 ألف ريال، في حين أن حقه وما يستحقه 100 ألف ريال، والمصاب ليس لديه علم بالأنظمة والقوانين ولا يدري بحقوقه الكاملة؟
السؤال: ماذا علي أن أفعل في هذه الحالة مع المدير، ومع صاحب الشركة، مع علمي الكامل برفضهما تعويض المصاب بالفرق؟ وإذا تحدثت عن حق غيري، فقد يصيبني ضرر، وإذا لم أتكلم ضاع عليه حقه.
ونستأذن فضيلتك في الإيضاح لمثل هذه الأمور مع مدير أو صاحب عمل، في حال كانت قناعتي الشخصية، وتقديري أن قرارا معينا منهما هو ظلم لموظف آخر.
لا أريد أن أكون من الظلمة أو أعوانهم، فبحكم وظيفتي علي تسجيل وتنفيذ القرارات سواء لصالح الموظف أو ضده.
ولفضيلتكم جزيل الشكر والعرفان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالموظف إذا رأى تقصيرا وخيانة أو ظلما من أحد الموظفين، أو المسؤولين، فالواجب عليه إنكار ذلك المنكر حسب استطاعته، والسعي في منع تلك المخالفات قدر طاقته. ولا سيما إذا كان لا يعلم بهذه المخالفات غيره، ولو لم ينكر، أو يعلم صاحب الحق ضاع حقه. فعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا، فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ.

قال النووي: .. ثم إنه قد يتعين، كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو ..

وقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله-: إذا لمست- يا سماحة الشيخ- من أحد العاملين في الإدارة تقصيرًا في عمله، أو فسادًا في خلقه، فهل يجوز لي أن أبلغ عنه المسؤول في الإدارة؟

فأجاب: المشروع لك نصيحته، وتوجيهه إلى الخير، وحثه على أداء الأمانة.

فإن لم يمتثل، فالواجب الرفع عنه إلى الجهة المختصة؛ لقول الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، ثلاثًا، قيل: لمن يا رسول لله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. اهـ.

لكن من لم يستطع الإنكار خشية الضرر الذي سيلحقه بسبب ذلك، فهو معذور حينئذ، لكن عليه أن يعلم صاحب الحق بطريقة لا يلحقه من إعلامه فيها ضرر؛ ليرفع صاحب الحق الظلم عن نفسه، ويتدارك حقه إن شاء.

وأما مسألة التأمين الاجتماعي وهل يحق لأصحاب العمل تسجيل رواتب أقل، تهربا من إلزامهم بدفع أكثر؟ وماذا يحق للعامل الانتفاع به منه؟ كل ذلك فيه تفصيل لا يمكننا فرض احتمالاته في هذه الفتوى، ويمكنك مشافهة أهل العلم بالمسألة؛ ليستفصلوا منك عما لا بد من الاستفصال عنه؛ لتأثيره في الحكم. وللفائدة، انظر الفتويين: 377008/52082

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني