الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يخرج الله من النار برحمته ناسا لم يعملوا خيرا قط

السؤال

أتمنى من فضيلة الشيخ توضيح حديث أنه يخرج الله تعالى برحمته ناساً لم يعملوا خيراً قط غير أنهم معهم الشهادتان، فهل هؤلاء الناس يصلون أم لا وإذا كانوا أهل صلاة فكيف لم يعملوا خيراً وهل يشترط أن يكونوا أهل صيام وزكاة وحج وغيره؟ هل الذين يخرجون بالشفاعه يكون خروجهم قبلهم بكثير؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الحديث المذكور رواه الإمام أحمد في المسند وهو: عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خلص المؤمنون من النار يوم القيامة وأمنوا، فما من مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد مجادلة له من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار، قال: يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتهم النار، قال: فيقول: اذهبوا فأخرجوا من عرفتم، فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم، فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه، فيخرجونهم، فيقولون: ربنا أخرجنا من أمرتنا ثم يقول: أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار من الإيمان، ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار، حتى يقول من كان في قلبه مثقال ذرة، قال أبو سعيد: فمن لم يصدق بهذا فليقرأ هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً، قال: فيقولون: ربنا قد أخرجنا من أمرتنا فلم يبق في النار أحد فيه خير. قال: ثم يقول الله: شفعت الملائكة وشفع الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين، قال فيقبض قبضة من النار أو قبضتين ناس لم يعملوا خيراً قط قد احترقوا حتى صاروا حِمماً، قال: فيؤتى بهم إلى ماء يقال له ماء الحياة فيصب عليهم، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فيخرجون من أجسادهم أمثال اللؤلؤ في أعناقهم الخاتم عتقاء الله، قال: فيقال: لهم ادخلوا الجنة فما تمنيتم أورأيتم من شيء فهو لكم عندي أفضل من هذا، قال: فيقولون: ربنا وما أفضل من ذلك، قال: فيقول: رضائي عليكم فلا أسخط عليكم أبداً. والحديث صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة، بل إن أصله في صحيح مسلم وغيره. والذي يستفاد من الحديث أن هؤلاء الذين لم يعملوا خيراً قط لم يكونوا من المصلين، لأن من كانوا عندهم صلاة وصيام وغيرهما قد خرجوا قبلهم. لكن هذا لا تستفاد منه إمكانية التساهل في أمر الصلاة اتكالاً على حصول هذه الشفاعة فإن ترك الصلاة من أعظم الذنوب، بل إن بعض أهل العلم يرى كفر تاركها مستدلاً على ذلك ببعض الأحاديث الصحيحة، والاسترسال في المعاصي قد يؤدي بصاحبه إلى الموت على غير دين الإسلام، والعياذ بالله تعالى. وليس في الحديث تحديد مدة زمنية بين خروج من كان عندهم بعض أعمال الخير وبين غيرهم، والذي يستفاد من أسلوب الحديث قرب الفترة الزمنية بين خروج الطائفتين، ولمزيد من التفصيل عما يتعلق بالشفاعة راجع الفتوى رقم: 34463، والفتوى رقم: 22872. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني