الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لحل الخلافات الزوجية

السؤال

حصل خلاف بين زوجين مثل أي خلاف، لكن استمر الخلاف لأكثر من يوم. وحصلت أشياء خاطئة منها مثل إهمال بنتنا، فلمتها عليها، وقلت لها ألبسيها؛ لأني سأخرج؛ فألبست البنت، ولبست هي أيضا. قلت لها سأخرج أنا وأنت، لكنها أخذت البنت وخرجت.
رجعت للبيت، فلم أجد الزوجة. اتصلت، فوجدت الجوال مغلقا. بحثت عنها في المستشفى وأماكن أخرى (للعلم نحن مغتربون في بلد غير بلدنا الأم) في الأخير فُتح الهاتف، وقالت: أنا كنت سأفعل شيئا ينهي كل شيء. أرجوك أنا غير قادرة على أن أتكلم. سألتها: أين أنت؟ قالت: في فندق. كل هذا خلال أربع ساعات، أفكر جديًّا في الانفصال. ما حكم الإسلام فيما حدث؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا: أن حدوث المشاكل في الحياة الزوجية أمر عادي، فقلَّما تخلو من ذلك أي أسرة، فقد حدث مثله في عهد الأخيار. ومن أجل ذلك جاء في القرآن والسنة بيان الأدب، والتوجيه في حال نشوز الزوج، أو نشوز الزوجة. وراجع فيهما الفتوى: 48969، والفتوى: 1103.

والمطلوب تحري الحكمة إذا حدثت المشاكل، وأن يتروَّى الزوجان، ويحولا دون ما يكون سببا للطلاق، وتشتت الأسرة.

ومن السهل أن تطلق زوجتك، ولكن قد يكون من الصعب أن تتحمل آثاره، وقد تكون ابنتك أول ضحاياه فانتبه لهذا!!

ولذلك ذكر بعض أهل العلم أن الأصل في الطلاق الحظر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأصل في الطلاق الحظر، وإنما أبيح منه قدر الحاجة. اهـ.

وقال ابن عابدين في حاشيته: الطلاق الأصل فيه الحظر، بمعنى: أنه محظور، إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص. فإذا كان بلا سبب أصلًا لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقًا، وسفاهة رأي، ومجرد كفران النعمة، وإخلاص الإيذاء بها، وبأهلها، وأولادها. ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق، وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى ... فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعًا، يبقى على أصله من الحظر؛ ولهذا قال تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا} [النساء:34]، أي: لا تطلبوا الفراق. اهـ.

وخروج زوجتك من البيت بغير إذنك لا يجوز، وهو نوع من النشوز، والسبيل لعلاجه ما ذكرناه في الفتوى التي سبق وأن أحلناك عليها، ومن حكمة الشرع أن جعله في خطوات، فليس الطلاق بالحل وحيد، ولا بأول الحلول.

فوصيتنا لك أن تداري زوجتك لتعود للبيت، ولتضعا أسسا للتعامل بينكما، ويقوم كل واحد بما يجب عليه تجاه الآخر، ولمعرفة الحقوق بين الزوجين راجع الفتوى: 27662.

وينبغي أن تكونا على حذر من حل المشاكل بالفعل ورد الفعل، بل الأولى ضبط النفس، واختيار الوقت المناسب لتوجيه اللوم إن وجد ما يقتضي ذلك.

ولخطورة ما قد يترتب على الغضب، كان بعض الصالحين يخرج من البيت؛ لئلا يتصرف بما لا يليق، وراجع في الفتوى: 370150، قصة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وتعليق الحافظ ابن حجر عليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني