الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رمي الأوراق المكتوب فيها لفظ الجلالة والإنكار على من يمتهن القرآن

السؤال

يوجد عندنا في البقالات لفظ الجلالة على ظهر بعض الحلويات، وهناك أناس يشترونها، فهل يجب عليَّ أن أنبّه كل من أراه يشتريها، خصوصًا النساء؛ لأنني أخاف أن تفهم المرأة تنبيهي هذا بشكل خاطئ، وربما تحدث مشكلة، فماذا يجب عليَّ في هذه الحال؟
السؤال الثاني: إذا وجدت شخصًا يمتهن القرآن، أو لفظ الجلالة، ولم أنبّهه مع الإنكار بقلبي، فهل عليَّ إثم؟
السؤال الثالث الذي يهمني كثيرًا، ولم أجد له إجابة: ما الدليل على تحريم رمي الأوراق المكتوب فيها لفظ الجلالة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما السؤال الثالث: فجوابه لا يحتاج إلى بحث، فكل ما يدل على وجوب تعظيم اسم الله، يدل على تحريم تعمد إهانته، ومن ذلك: تَعَمُّدُّ رمي ما كُتب فيه اسم الله في مكان مهين، كالقمامة، ونحوها، وانظر الفتوى: 134863.

قال ابن حزم في كتاب (الفصل) في قول الله عز وجل: تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ {الرحمن:78}: معنى تبارك: تفاعل من البركة، والبركة واجبة لاسم الله عز وجل الذي هو كلمة مؤلفة من حروف الهجاء، ونحن نتبرك بالذكر له، وبتعظيمه، ونجله، ونكرمه، فله التبارك، وله الإجلال منّا، ومن الله تعالى، وله الإكرام من الله تعالى، ومنّا، حيثما كان من قرطاس، أو في شيء منقوش فيه، أو مذكور بالألسنة. ومن لم يجل اسم الله عز وجل كذلك ولا أكرمه، فهو كافر بلا شك ... وقوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى {الأعلى:1}، هو على ظاهره دون تأويل؛ لأن التسبيح في اللغة التي بها نزل القرآن، وبها خاطبنا الله عز وجل هو: تنزيه الشيء عن السوء، وبلا شك أن الله تعالى أمرنا أن ننزه اسمه الذي هو كلمة مجموعة من حروف الهجاء عن كل سوء، حيث كان من كتاب، أو منطوقًا به ... وتسبيح الله تعالى، وتسبيح اسمه، كل ذلك واجب بالنص. اهـ.

وقال ابن كثير في تفسيره: الاسم معظم لتعظيم الذات المقدسة. اهـ.

وجاء في حاشيه الشهاب على تفسير البيضاوي: كما يجب تعظيم ذاته تعالى، يجب تعظيم أسمائه، وتنزيهها عما لا يليق بها. اهـ.

وجاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية: جاء في فتح القدير ما نصه: «تكره كتابة القرآن الكريم وأسماء الله تعالى على الدراهم، والمحاريب، والجدران، وما يُفْرَش». وإذا كان النص المذكور قد قضى بكراهة كتابة أسماء الله تعالى على الدراهم، والمحاريب، والجدران، وما يُفْرَش؛ فتكون كتابتها على درجات السلالم محرمة، وغير جائزة شرعًا مِن باب أَوْلَى؛ وذلك لِمَا في كتابتِها على هذا النحو مِن امتهانٍ لأسمائهِ تعالى بالسير عليها، وتعريضها لذلك. وإذا استحلَّ أحدٌ امتهان اسم الله؛ فإِنَّهُ يُعَرِّضُ نفسه للكفر -والعياذ بالله-. اهـ.

وأما السؤال الثاني، فجوابه: أن الإنكار على من يمتهن القرآن، أو لفظ الجلالة، واجب، بحسب القدرة، فلا يكفي الإنكار بالقلب مع القدرة على الإنكار باليد، أو اللسان، فالحكم متعلق بالقدرة.

ومن ثم؛ فيجب على من قدر على النصيحة أن يبذلها، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: يكفيك للخروج من الإثم والحرج أن تنصح الناس بعدم استعمال ما ذكر فيما فيه امتهان، وأن تحذرهم من إلقاء ذلك في سلّات القمامة، وفي الشوارع، والحارات، ونحوها، ولست مكلفًا بما فيه حرج عليك من جعل نفسك وقفًا على جمع ما تناثر من ذلك في الشوارع ونحوها، وإنما ترفع من ذلك ما تيسر منه، دون مشقة وحرج. اهـ. وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى: 122036، 122041.

وأما السؤال الأول: فمحله يختلف عن هذا؛ لأن الذي يشتري هذه الحلوى لم يفعل منكرًا يجب إنكاره، وغاية الأمر أن يستحب تنبيهه لكتابة اسم الله تعالى على غلافها؛ ليتعامل معها بشكل يليق بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني