الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هذه أول مرة أكون فيها غير قادرة على إيجاد إجابة تريحني.
فأسأل حضرتك هذا السؤال، وأرجو أن يكون عندك رد شاف: أنا بنت، وأحب شخصا، وبيننا الكلام الذي يكون بين الأحباب، وقد وعدني بالزواج.
في بداية علاقتنا لم تكن تحصل تجاوزات في الكلام. لكن بعد سنة صارت تحدث تجاوزات، لكن في كل مرة كنت أشعر بتأنيب الضمير، وأبكي، وأصلي وأتوب إلى الله، ونتكلم وأقول له: لن يحصل مرة أخرى، لكن يتكرر الموضوع مع نفس السيناريو من عذاب النفس الذي كنت أحسه. وفي كل مرة أصلي وأتوب، وأدعو ربنا.
وكنا نتشاجر كثيرا، وأنا من داخلي لا أريد أن أغضب ربنا، أعرف أن كلامنا أصلا غلط، لكن والله أنا أحبه بطريقة، أنا نفسي مستغربة، ولو أن الحب الذي في قلبي له نار، لذاب الحديد.
أستغفر الله كثيرا على حبي الشديد له. روحي أصبحت متعلقة به. آسفة على الإطالة.
سؤالي الذي يحيرني: في الفترة الأخيرة أصبحت عندما تقع تجاوزات بيننا، لا أشعر بعدها بالذنب، أصبحت أشعر من داخلي أن هذا شيء عادي، وتعودت.
وهذا ما جعلني أفكر: هل هذا يدل على أن ربنا قد غضب علي، ولا يصدقني، وأخرجني من رحمته؛ لذلك لا أشعر بتأنيب ضميري، ومحاسبة نفسي ولا أشعر بالذنب؟
ماذا أفعل لكي يرجعني مرة أخرى، ويصدقني؟
أحب ربنا وهو يعرف أني أحبه، لكن أضعف وأشعر أني مشلولة، لا أستطيع أن أصف لك، أنا غير مرتاحة؛ لأني لا أشعر بالذنب الذي أفعله.
ماذا أفعل لكي يصدقني ربي، ولا يخرجني من رحمته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه علاقة آثمة، تجب التوبة منها فورا، وراجعي الفتوى: 30003.

ووصولك إلى هذه الدرجة التي أصبحت فيها على حال لا يحس قلبك فيها بألم الذنب، ليس بالأمر المستغرب، فالذنوب تظهر آثارها على القلب تدريجيا حتى يصل إلى درجة يعمى فيها القلب ويظلم، فلا يعرف بعدها معروفا ولا ينكر منكرا، فيزين له العمل السيء فيراه حسنا، قال تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {فاطر:8}.

وروى مسلم عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء. وأي قلب أنكرها؛ نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه.

وروى أبو داود والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه. وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله: { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون }. وفي الأثر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: إن للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.

وأما كون هذا دليلا على غضب الله عليك، فهذا من الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله عز وجل.
وهذا الحب الذي طغى على قلبك من الحب المذموم، ولا شك أن له تأثيرا على محبة العبد لربه تبارك وتعالى، فإذا أردت السلامة لنفسك والعافية لدينك والبراءة لعرضك فاتبعي التوجيهات التي ذكرناها في الفتوى: 9360، ففيها بيان خطورة العشق وكيفية علاجه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني