الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام تغسيل الميت بالكورونا

السؤال

هل يجوز ترك تغسيل الميت بفيروس كورونا؛ خوفا من انتشار الفيروس، وإصابة من يغسله به؟
وهل يجزئ تغسيله بعد لفه في لفافات بلاستيكية تعزل الماء، وتمنع انتشار الفيروس؟
وهل يجزئ أن يُيمم بدلا من غسله؟ وهل لا بد أن يمس التراب جسده؟ أم يجزئ أن يكون التيمم على اللفافات البلاستيكية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمسلم الميت بمرض كورونا كغيره من أموات المسلمين يجب تغسيله، لأن غسل الميت واجب، ولا يسقط عند القدرة عليه، وهو من فروض الكفايات في قول جمهور أهل العلم، وقد حكاه بعضهم إجماعا، وذهب بعض الفقهاء إلى أن تغسيل الميت سنة، وليس بواجب.

جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ تَغْسِيل الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَاجِبُ كِفَايَةٍ، بِحَيْثُ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ عَلَى سَبِيل الْكِفَايَةِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ وَعَدَّ مِنْهَا: أَنْ يُغَسِّلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالأْصْل فِيهِ: تَغْسِيل الْمَلاَئِكَةِ عَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لآِدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ قَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ. وَأَمَّا الْقَوْل بِسُنِّيَّةِ الْغُسْل عِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، فَقَدِ اقْتَصَرَ عَلَى تَصْحِيحِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ. اهــ.

فيجب تغسيله، وأخذ كل الاحتياط اللازم للوقاية من انتقال المرض لغيره بسبب تغسيله، وإن لم يمكن إلا صب الماء عليه عن بعد من ملامسة لجسده، كان ذلك مجزئا، فإن تعذر ذلك كله، وثبت أن في تغسيله ضررا على الغاسل بانتقال المرض إليه، فإنه لا يغسل، ويُعدل عن الغسل إلى التيمم إن أمكن، فيُمسح وجهه وكفاه بالتراب، لما نص عليه الفقهاء أن من تعذر غسله يُمِّمَ، فإن تعذر التيمم أيضا، فإنه يسقط، ولكن يصلى عليه.

قال الدسوقي في حاشيته: مَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ، كَمَا إذَا كَثُرَتْ الْمَوْتَى جِدًّا، فَغُسْلُهُ مَطْلُوبٌ ابْتِدَاءً، لَكِنْ يَسْقُطُ لِلتَّعَذُّرِ، وَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. اهــ

ولا شك أن الخوف من إلحاق الضرر بالغاسل عذرٌ لا يقل عن عذر كثرة الموتى، ويصلى عليه على حاله، ولو لم يغسل، أو ييمم؛ كما بيناه في الفتوى: 225454.

وصب الماء من فوق الغلاف البلاستيكي الذي يعزل الماء هو في الحقيقة ليس تغسيلا للميت، ما دام أن الماء لا يصل إلى بشرته، وإنما غسل للغلاف البلاستيكي! وكذا مسح الغلاف بالتراب ليس تيمما للميت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني