الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على العبد أن يستفتح ما أغلق في وجهه من الأبواب بطاعة الله تعالى

السؤال

أعرف شخصًا نادرًا جدًّا، نقي النفس جدًّا، لا يوجد بقلبة ذرة مما يوجد عند البشر من حقد، وكراهية، وهو ذكي جدًّا، وواسع الرؤية، وجميل الشكل والمنظر جدًّا، وله مهابة، وحب في قلوب الخلق، وله سطوع خاص به، وهو مصلٍّ، وله علاقة خاصة بالله تعالى، وكنت أقرأ في صفات الأنبياء والصالحين، فوجدت أن هذا الشخص يحمل معظم هذه الصفات، وحياة هذا الشخص بائسة منذ أن كان طفلًا؛ بسبب اختلاف طينته عن طينة باقي البشر، حيث لا يجد نفسه مع أحد، ولا يفهمه أحد، فلا أحد يقول: إن هناك ملائكة أو أناسًا بلا حسد، أو غيرة في هذا الزمن، كذلك لا يقدر أحد أن يصل لرؤيته وذكائه.
ومع كل هذا؛ فجميع العلاقات التي مرّ بها دمّرها الحقد عليه، وكذلك حقد البشر عليه يدمّر مسيرته المهنية؛ لأن هذا الشخص كان شخصًا ناجحًا جدًّا، ولديه مصنع كبير.. إلخ.
السؤال الذي لم يجد له هذا الشخص إجابة عند أحد، ولا حتى أهله: إذا خص الله شخصًا بخصائص معينة، لا توجد في البشر بشكل عام، أو لا توجد إلا في واحد من البشر، وطبيعة شخصية وشكل هذا الشخص كما هي نعمة، فهي نقمة؛ لأن تفرّده هذا يجعل أي شخص يحقد عليه من الوهلة الأولى، وكأن الحاقد يقول: لماذا جعل الله هذا الشخص هكذا من دون الخلق!؟ وهذا الشخص الآن في وضع يشعر فيه أن جميع الأبواب مغلقة في وجهه؛ وذلك لطبيعته التي خلقه الله عليها، وليس له يد فيها، والشيء الوحيد الذي يقوّي هذا الشخص هو إيمانه الراسخ بالله، وأنه لن يضيعه، فماذا يفعل؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالله تعالى هو الذي قسم الأرزاق والأخلاق بين عباده، وهو سبحانه يعطي من شاء ما شاء، ويخصّ من شاء بما شاء، لا معقب لحكمه، ولا رادّ لأمره، فمن خصّه الله تعالى بشيء من الفضائل والكمالات؛ سواء في الشكل، أو الأخلاق، أو غير ذلك، فعليه أن يشكر الله على نعمته، ويجتهد في صرفها في مراضيه سبحانه.

ومن حجب الله عنه شيئًا من ذلك، فعليه أن يعلم أن الحكمة اقتضت هذا، وأن ربّه تعالى حكيم، يضع الأشياء في مواضعها، وأنه سبحانه لا يسأل عما يفعل؛ لكمال حكمته، وعدله، فليرضَ بقضاء ربه، وليسلم لحكمه.

فعلى هذا الشخص أن يشكر الله على مواهبه ونعمه التي خصّه الله بها، وعليه أن يجتهد في طاعة ربه كفاء ما أنعم عليه.

وأما ما أغلق في وجهه من الأبواب، فعليه أن يستفتحه بطاعة الله تعالى، والقرب منه، ويجتهد في دعاء ربه سبحانه، فبيده وحده فتح كل باب مغلق، كما قال سبحانه: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ {فاطر:2}.

وعليه أن يحسن ظنه بالله تعالى، ويؤمل في فضله الواسع، ويوطّن نفسه على الصبر، والرضا، مع الأخذ بالأسباب الممكنة لتحسين الحال، ومن أهم ذلك: الدعاء، واللجأ إلى الله سبحانه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني