الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف على زوجته ألا تزور أهلها في هذه السنة

السؤال

أنا متزوجة، وأعيش في بلد أجنبي. كنت طالبة وموظفة. وأنا الآن موظفة، الحمد الله. في بدايات الزواج، كنت أحصل على مال من دراستي ومن وظيفتي، وكنت أودعه عند زوجي، مع حرية التصرف. كان الشرط الوحيد هو نزولي لرؤية أهلي سنويا.
مرت سنتان، وكانت نزلتي الأولى مع طفلتي. ثم طلب مني زوجي عدم النزول؛ بهدف شراء عقار؛ فوافقته. وصبرت 3 سنين، ثم نزلت، والحمد الله تم شراء العقار.
بعد ذلك أصبح زوجي يضع أهدافا أخرى. فبسبيل نزولي إلى بلدي، اقترحت عليه أن أبدأ بشراء بضائع وبيعها كلما نزلت إلى بلدي؛ فتوفر عليه مصروفي ومصروف بناتي؛ لأنه في هذا الوقت أصبح لدي طفلتان؛ فوافق. فأصبحت أشتري الأغراض على مدار السنة باستخدام البطاقة، أو دفع القليل؛ لأني لا أملك من راتبي شيئا، كله في حوزة زوجي. فأصبحت أكذب عليه، وأقول له: الحمد الله إني قادرة على السيطرة على التزاماتي خوفا أن يمنعني من النزول. بقيت على هذه الحال مدة 5 سنوات. بعد ذلك توقفت عن دفع البطاقة لمدة سنة. بعد ذلك طالبته بأخذ راتبي وأصبحت المسؤولة عن الصرف على بناتي، وعلى البيت، وعلى نزولي على بلدي بكل المصاريف.
وأصبحت أسدد من المبالغ المتراكمة علي بنية سداد الدين بقدر استطاعتي. كل ذلك دون علم زوجي.
اليوم علم زوجي أني مدينة للبطاقة الائتمانية بقيمة عشرة آلاف دولار. وحلف علي يمينا أن لا أزور أهلي هذه السنة. مع أني حاولت توضيح وجهة نظري بعدم إخباره. كان خوفي أن يمنعني عن أهلي، وهذا أول شيء فعله.
أنا نادمة على استخدامي البطاقة الائتمانية، والحمد الله أحاول تسديد ديني، بعدما أصبحت أمسك راتبي.
أنفق على البيت، وعلى البنات في المدرسة، فيبقى القليل. هذا القليل أضعه للسداد.
لا أستطيع عدم رؤية أهلي، وأنا على يقين أنه من الأولويات التي يجب فعلها.
فما الفتوى في إخفاء هذا الموضوع عن زوجي؟ وما الفتوى في منعه لي من الذهاب إلى بلدي؟
وإذا فعلت ذلك سوف أكون طالقا.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا لم يكن على زوجك ضرر في اقتراضك، فلا حرج عليك في الاقتراض دون علمه، وراجعي الفتوى: 114187
وأمّا إذا كان يلحقه ضرر كما لو كانت القوانين تلزمه بأداء القرض عند عدم وفائك، أو كان يتعرض لعقوبة في هذه الحال؛ فقد كان عليك أن تستأذنيه في ذلك.
وأمّا منعه لك من زيارة أهلك؛ فالراجح عندنا أن على الزوج أن يأذن لزوجته في زيارة أهلها بقدر المتعارف، وليس له منعها من زياتهم دون مسوّغ، وانظري الفتوى: 110919
وإذا كان حلف بالطلاق ألا تزوري أهلك هذه السنة؛ فالمفتى به عندنا أنّك إذا زرت أهلك في هذه السنة؛ وقع طلاقك. وإذا لم يكن طلقك قبل ذلك أكثر من طلقة؛ فله مراجعتك في عدتك، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى: 54195
وعند بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لا يقع طلاقك بزيارتك أهلك إذا كان زوجك لم يقصد إيقاع الطلاق، ولكن قصد التهديد، وعليه في هذه الحال كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وراجعي الفتوى: 2022
وننبهك إلى أنّ البطاقات الإتمانية بعضها محرم، لا يجوز التعامل به، وبعضها مباح، ولمعرفة المباح والمحرم من البطاقات الائتمانية راجعي الفتوى: 6275، والفتوى: 19728
كما ننبه إلى أنّ الواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، ولا يلزم الزوجة أن تنفق شيئاً من مالها على البيت إلا إذا كان زوجها قد أذن لها في الخروج للعمل، بشرط أن تعطيه بعض راتبها، أو تنفق على البيت قدراً معيناً منه، فيلزمها الوفاء بالشرط، كما بيناه في الفتوى: 175721
وإذا تبرعت الزوجة بالعطية أو الإنفاق من راتبها على بيتها، فهذا إحسان محمود، وكرم يجلب المودة.

وأخيرا فإننا ننصح الأخت ببر يمين زوجها، فتصبر هذه السنة عن زيارة أهلها، حفاظا على مشاعر زوجها واستقرار أسرتها، وعدم تعريضها للاهتزاز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني