الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المشاركة في قتل إنسان

السؤال

رجل ساعد في قتل أخيه العاق والفاسد لأنه رآه يسب والديه ويتطاول على أبيه وأمه الصالحين، ما الإثم الذي عليه وهل له من توبة، علما بأنه رجل صالح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلم يذكر لنا الأخ السائل نوع المساعدة التي قام بها هذا الشخص لمن قتلوا أخاه ولذا نقول: إما أن تكون هذه المساعدة بمباشرة أو بتسبب، فإن كانت بمباشرة فعليهم القصاص جميعاً، إذا كان ما ضربوه به جارحاً أو ألقوه من شاهق أو غرّقوه في بحر ونحو ذلك. وكذا لو ضربوه بما لا يجرح ولكن كان ضرب كل واحد منهم لو انفرد لقتل، أو كان لا يقتل ولكن له تأثير في الزهوق مع التواطؤ على قتله، لما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن غلاماً قتل غيلة، فقال عمر: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم، وقال مغيرة بن حكيم عن أبيه: إن أربعة قتلوا صبياً فقال عمر مثله. انتهى. ونقل ابن قدامة في المغني عن علي بن أبي طالب أنه قتل ثلاثة قتلوا رجلاً، وعن ابن عباس أنه قتل جماعة بواحد ثم قال: ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف فكان إجماعاً، ولأنها عقوبة تجب للواحد على الواحد فوجبت للواحد على الجماعة. ، إلا أن القصاص يسقط عنهم إذا عفا عنهم أولياء المقتول، وتلزمهم الدية إذا طلبها الأولياء وتسقط بالعفو أيضاً. وأما إذا قتلوه بالضرب بما لا يقتل ضرب كل واحد منهم لو انفرد ولم يتواطئوا على قتله، فعليهم الدية مقسمة على عدد الضربات من كل، فإن جهلت الضربات وزعت على عدد رؤوسهم كالجراحات ما لم يعف عنها أولياء المقتول. وأما إذا كانت مساعدة هذا الشخص للقتلة بتسبب، كدلالة على المقتول أو إمساكه لمن يقتله دون مشاركة منه في الضرب، فالقصاص على المباشر للقتل دون المتسبب، وهذا إذا كان المباشر مكلفاً، أما إذا كان المباشر غير مكلف، كمجنون أو سبع ضار، فالقصاص على المتسبب قطعاً إذا كان مكلفاً وعرضه للمجنون أو للسبع. وعلى القتلة التوبة إلى الله عز وجل وتسليم أنفسهم لأولياء المقتول ليختاروا فيهم ما شاءوا مما سبق بيانه، وقد تم تحرير هذا الجواب على المذهب الشافعي، لأنه الأقرب للصواب في نظرنا في هذه المسألة. وأخيراً ننبه إلى أن ما قام به هذا الشخص من سب والديه والتطاول عليهما من كبائر الذنوب، ويستحق على ذلك التعزير من قبل ولاة الأمور، ولا يجوز قتله لأنه لم يأت بما يستحق عليه القتل، ولو فرض أنه أتى بما يستحق عليه القتل فإنه لا يجوز قتله من قبل عامة المسلمين، بل المرجع في ذلك إلى ولاة الأمور دفعاً للفوضى وانتشار القتل. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني