الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استحباب الوفاء بالوعد بالصدقة

السؤال

كنت قد وعدت ربي أني كلما حصلت عندي فلوس تخصني، أتصدق منها ولو بالقليل.
صاحباتي بالجامعة يردن أن يعملن صندوقا، وهو أن كل واحدة منا تدفع مبلغا معينا كل يوم، وفي آخر الأسبوع نعطي لواحدة منا المصروف الذي جمعناه، وهكذا كل آخر أسبوع نعطي واحدة.
فأريد أن أعرف هل علي أن أتصدق كل يوم من المبلغ الذي آخذه لكي أعطيه لهن، مع العلم أني لو تصدقت منه سينقص، ولا أستطيع أن آخذ من أبي أكثر من هذا المبلغ كل يوم لكي أتصدق بهذه الزيادة، أم علي أن أنتظر حتى آخذ مصروفي آخر الأسبوع وأتصدق منه؟
وهل علي بعد أخذه أن أتصدق عن كل عشرة جنيهات أخذتها خلال الأسبوع، أم أتصدق بما أردت ولو قليلا؟
أفيدوني أرجوكم.
وكنت قد وعدت أيضا قبل فترة أنني لن أسمع الأغاني ثانيا، أو إذا كنت في مكان به أغنية أستغفر لكيلا أسمعها، فصعب علي الأمر، فكنت دائما أترك الغرفة التي فيها التلفاز وأجلس في غرفه أخرى بعيدة أحيانا عن العائلة؛ لأنه يمكن أن تأتي أغنية أو موسيقى خلال البرامج في أي لحظة. وكنت أحتار عندما يأتون بالطعام أمام التلفاز، أو في مكان فيه موسيقى، فلا أعرف هل أستغفر في نفسي وأنا آكل، أم أترك الأكل وأذهب، فشق علي الأمر؛ فقررت أن أخلف وعدي وأن أخرج الكفارة.
فهل أنا الآن ما زلت على هذا، أم يعتبر قد انتهى، وليس علي شيء إذا سمعت الأغاني، مع العلم أن هذا الأمر كان قبل فترة، وأنا الآن أسمع الأغاني باعتبار أن الوعد قد انتهى. فماذا علي الآن هل انتهى فعلا؟
وعلي كفارة واستغفار أم ما زال مستمرا؟
وأريد حلا للتخلص من سماع الأغاني والإقلاع عنها، وأيضا عن التفكير في الأمور التي تثير الشهوة.
وأخاف أن يصعب علي الأمر في وعد التصدق أيضا، فأتركه. فماذا أفعل؟
وآسفة على الإطالة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان ما صدر منك مجرد وعد؛ بأن قلت -مثلا- أعد الله على كذا، فإن الوعد المجرد لا يلزم منه شيء؛ فليس يمينا ولا نذرا؛ وقد بينا ذلك في الفتوى: 372259، والفتاوى المحال عليها.

وعليه؛ لا يجب عليك أن تتصدقي بما ذكرت، وإنما يستحب لك ذلك وفاء بالوعد، فإن شئت أن تتصدقي به فتصدقي، وما شئت أن تمسكيه فأمسكيه، والصدقة خير لك إن كان ذلك لا يضرك.

وأما استماع الأغاني المحرمة، فهو محرم بأصل الشرع، فيجب الكف عنه، فعليك أن تتوبي إلى الله من تعمد سماع المعازف استجابة لشرع الله تعالى، ولا كفارة عليك بما وقع منك من الإخلال بالوعد؛ كما قدمنا.

واعلمي أن المحرم هو قصد الاستماع، وأما من سمع من غير قصد وحاول صرف ذهنه عن السماع مع كراهة ذلك في القلب، فلا إثم عليه، وانظري الفتوى: 142457.

ويعينك على التوبة والاستقامة على الخير الإكثار من سماع القرآن وتدبره، وصحبة الصالحات، ومجاهدة النفس والاجتهاد في الدعاء بأن يوفقك الله للتوبة النصوح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني