الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من معاني صمدية الله تعالى أنه لا يتجزّأ ولا يتبعّض ولا ينقسم

السؤال

أعلم أن الله واحد أحد، وسؤالي: هل يمكن أن تكون ذات الله مقسمة، أي أنه -عز وجل- ليس كتلة واحدة متلاحمة، كأن تكون عين الله ليست ملتصقة بباقي صفاته الذاتية، أم إن هذا هو مفهوم التثليث الذي يقصده النصارى؟ فأنا أخاف على صحة عقيدتي. فأرجو منكم جوابًا كافيًا وافيًا يريح صدري -جزاكم الله كل خير-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن الألفاظ ما هو ثقيل، يقشعر منه البدن، ويضيق منه الصدر، ولا سيما ما كان منها متعلقًا بذات الله تعالى وصفاته، مما لا يتصل بالوحي المعصوم!

فبحسب المرء ما جاء في نصوص الشرع من أسماء الله تعالى وصفاته، من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.

وما تسأل عنه السائلة يكفيها في جوابه استحضار معاني اسم الله الصمد، فالله عز وجل وصف نفسه بالصمدية، كما وصفها بالأحدية، فقال: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:1-2].

ومن معاني صمديته سبحانه أنه لا يتجزأ، ولا يتبعض، ولا ينقسم، ولا يتفرق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: الله سبحانه أحد صمد، لا يتجزأ، ولا يتبعض وينقسم، بمعنى أنه ينفصل بعضه عن بعض ... وهذه المعاني هو منزه عنها، بمعنى أنها معدومة، وأنها ممتنعة في حقه، فلا تقبل ذاته التفريق والتبعيض، بل ليس هو بأجوف، كما قال الصحابة، والتابعون في تفسير الصمد أنه الذي لا جوف له. اهـ.

وقال في موضع آخر: أخبر الله تعالى في كتابه أنه الصمد، وقد قال عامة السلف من الصحابة، والتابعين، وغيرهم: إن الصمد هو الذي لا جوف له. وقالوا أمثال هذه العبارات التي تدل على أن معناه: أنه لا يتفرق، واللغة تدل على ذلك؛ فإن هذا اللفظ -وهو لفظ الصمد- يقتضي الجمع والضم، كما يقال: صمدت المال إذا جمعته .. اهـ.

وقال في موضع آخر: أخبر في السورة بأنه الصمد، ولم يقل: إنه صمد؛ إذ كل ما سواه يجوز عليه التفرق والتبعيض، وهو الصمد الذي لا يجوز عليه أن يتبعض ويتفرق بوجه من الوجوه. اهـ.

وقال في مجموع الفتاوى: لفظ الصمد فيه الجمع، والجمع فيه القوة، فإن الشيء كلما اجتمع بعضه إلى بعض ولم يكن فيه خلل، كان أقوى مما إذا كان فيه خلو؛ ولهذا يقال للمكان الغليظ المرتفع: صمد؛ لقوته، وتماسكه، واجتماع أجزائه.

والرجل الصمد هو: السيد المصمود، أي: المقصود، يقال: قصدته، وقصدت له، وقصدت إليه، وكذلك هو مصمود، ومصمود له وإليه، والناس إنما يقصدون في حوائجهم من يقوم بها. وإنما يقوم بها من يكون في نفسه مجتمعًا قويًّا ثابتًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني