الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إعادة الأجير أو الشريك رأس المال لأصحابه عند الخسارة

السؤال

أنا كنت في شراكة بمرتبة مضارب ثانٍ، وكنت آخذ كل شهر مبلغًا ثابتًا على أنه راتب قد منحه لي المضارب الأول الذي لديه تصريح عام من أصحاب المال، وأثناء العمل لم يكن يقبل المضارب الأول القيام بالجرد؛ حتى نتمكن من حساب الأرباح، ومعرفة مدى جودة سير العمل؛ بحجة أنه لا يوجد وقت، ويجب أن نجتهد أكثر، وكان هناك مستودع للبضاعة، وبيع الجملة، ومحل لبيع المفرق، وكانت وظيفتي أن أدير محل التفرقة، وتسليمه النفقات والإيرادات بشكل دوري، لكن بسبب سوء الإدارة، والإهمال من المضارب الأول أردت أنا وأصحاب المال الانسحاب، وعدم الاستمرار؛ وذلك في مدة لم تتجاوز السبعة شهور.
بعد الجرد تبين أن الممتلكات لا تتجاوز ربع قيمة رأس المال، وأصحاب المال أرادوا تحصيل أموالهم من المضارب الأول؛ لأنه كان مقصرًا ومفرطًا، فقال لي المضارب الأول: إنه يجب عليَّ تعويض أصحاب المال معه؛ لأني شريك، وعندما قلت له: إنه هو صاحب الخبرة، وإنه يحمل مسؤولية الإدارة، ومسؤولية المال الذي كان بين يديه، وإني كنت شريكًا مضاربًا آخذ مقدارًا من الربح الذي يجنيه هو، وإني أخذت مقدارًا ثابتًا على أنها من الأرباح، وأكثر ما يمكنني فعله هو إرجاع ما أخذته من الراتب الذي خصصه لي؛ لأن الخسارة على الجميع كما زعم.
أوكلت أمري لله تعالى، وذهب العناء والجهد، وعندما طلبنا منه توضيحًا عن الخسائر، فإنه لا يملك أية وثائق جرد مبيعات، ولا غيرها.
وأحد أصحاب المال يطالبني الآن، فأقول له: اذهب إلى الشخص الذي وثقت به، فهو الذي قد أضاع مالك، وأضاع جهدي ووقتي، وسنة التخرج وغير ذلك، فهل أنا كمضارب ثانٍ ملزم بإعادة رأس المال؟ علمًا أني كنت أقوم بكل ما يأمرني به المضارب الأول بحكم خبرته وإدارته، وأنا الآن أقوم بإرجاع الراتب الذي كان مخصصًا لي من قِبَل المضارب الأول، فهل هذا صحيح؟
عند دخولي في إحدى المرات إلى المستودع مع اثنين من الشهود -وكانت تلك هي المرة الأخيرة-، وجدت شخصًا لا أعرفه بحوزته المفاتيح، يقوم بتحميل البضائع، ويقوم ببيع البضائع لأشخاص، فقلت له: من أنت؟ أعطني المفاتيح، فقال لي: لا أستطيع، فالمضارب الأول قد سلّمها لي.
وعندما سألت المضارب الأول عن الموضوع، قال لي: إنه هو من أرسله من أجل أخذ بعض الأمور، وهذا كان آخر يوم لي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسائل لم يوضح بشكل كامل بنود العقد الذي يربطه بالمضارب الأول!

وعلى أية حال؛ فإن كان الاتفاق بينهما قاصرًا على الراتب المذكور دون استحقاق لنسبة من الأرباح، فهذه إجارة، وليست شركة، ولا مضاربة. ومن ثم؛ فلا علاقة للسائل بإعادة رأس المال لأصحابه، ولا يلزمه ردّ الراتب الذي أخذه نظير عمله.

وأما إن كان العقد على أن للسائل مع هذا الراتب نسبة معلومة من الأرباح، فهذا العقد لا يصح عند جمهور الفقهاء، وراجع في ذلك الفتويين: 58979، 129142، وعندئذ فحق السائل: أجرة المثل.

وهنا ننبه على أن يد المضارب يد أمانة، فلا تضمن الخسارة إلا بالتعدي، أو التفريط، فإذا حصلت خسارة بغير تعدٍّ، ولا تفريط، فهي على أصحاب رؤوس الأموال، ويخسر المضارب جهده.

وأما إن كانت بسبب تفريط المضارب، فهو ضامن لها، يردها على أصحاب رأس المال.

وراجع في ذلك الفتاوى: 5480، 50829، 38063.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني