الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حديث النفس وانعكاسه على الرؤية في النوم

السؤال

أنا امرأة عمري31 عاما، عندي بنتان: 10 و5 سنوات، أربيهما بما يرضي الله. نعيش في السويد، وهي جميلة، ولا ينقصني سوى بعض التفاؤل.
أعاني من عدم وجود تفاهم بيني وبين زوجي، وقد انعدمت ثقتي به، وانعدم عندي الأمل. كلما نظرت إليه أشعر بالحزن الشديد؛ لأنني لم أجد عنده الحنان ولا الحب، ولا التفاهم، ولا حتى الدعم، بل إنه كثير الشكوى والانتقاد، وكثير المن علي بأبسط واجباته التي يفعلها، كما أن نظرته للأمور مادية بحتة.
منذ يوم زفافنا إلى اليوم أشعر أني مع الشخص الخطأ، وأبكي كل يوم على شبابي الذي أمضيته معه، وعلى عمري كيف سأكمله معه.
فأنا بطبعي حساسة، ولطيفة زيادة، وأحب التنظيم في الحياة، كما أحب أن تكون لدى العائلة مبادئ واضحة يربى عليها الأبناء، أكره الحرام والشبهات وأبتعد عنها.
أعاني من الاكتئاب، وانعدام وجود السعادة أو الفرح في حياتي. غالبا ما أحاول أن أبتسم قليلا من أجل أطفالي؛ لأنهم يطلبون مني أن أضحك فأنا لا أفعل ذلك إلا نادرا.
في حياتي لم أفكر أن أبدل زوجي، أو أن أخونه، أفكر بالطلاق أحيانا، ولكن لا أريد رجلا بديلا، فأنا مللت الرجال. لكن في الفترة الأخيرة أصبحت أرى في أحلامي أنني مع رجل لا أعرفه، يعطيني حنانا وتفاؤلا، ويشعرني بأهميتي في حياته. بدأ هذا المنام يتكرر كل يوم بسبب الفراغ الذي في حياتي، أجد فيه ملجأ من هموم الحياة الزوجية، حتى إنني أصبحت أتمنى أن أراه كل يوم. فعندما أستيقظ أرى السعادة في عيني، ولكن في الوقت نفسه أشعر بالحيرة ما إذا كان هذا الذي يحدث برضا من رب العالمين؛ لأنه يعرف معاناتي؟ أم هل هو حرام، ويدل على الخيانة؟
أرجو مساعدتي، فأنا كما في كل أيامي أشعر بالحيرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يجعل لك من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء عافية، وأن يصلح حال زوجك، ويجعل حياتك طيبة وهناءة وسعادة.

ونوصيك بكثرة الدعاء؛ فإليه الملجأ، وهو قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

وينبغي أيضا أن تكثري من ذكر الله تعالى، ففي الذكر حياة القلب والعافية من القلق والتوتر، قال المولى عز وجل: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.

وما ترينه في منامك لا مؤاخذة عليك فيه، فالنائم غير مكلف؛ لأنه لا اختيار له، وثبت في مسند أحمد عن علي -رضي الله عنه- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المصاب حتى يُكْشَف عنه. وهذا لفظ أحمد.
وما يراه النائم في منامه قد يكون رؤيا من الرحمن، أو حلما من الشيطان، أو حديث نفس، وسبق ذكر ذلك بدليله في الفتوى: 124830.

ولا يبعد أن يكون ما يحدث لك من هذا النوع الثالث، أي حديث النفس؛ بسبب كثرة تفكيرك في أمر حالك مع زوجك. وأما كونه دليلا على رضا الرحمن فهذا غيب لا يعلمه إلا الله سبحانه، فلا نستطيع الجزم بشيء من ذلك.

وقد أحسنت بصبرك على زوجك، ونوصيك بالمزيد من الصبر عليه، والعمل على مناصحته بأسلوب طيب؛ لتذكريه ما أمر به الشرع الزوج بإحسان عشرة زوجته، ويمكنك أن تستفيدي من بعض النصوص التي ضمناها الفتوى: 134877.

وإن رأيت أنك في حاجة لأن تستعيني عليه ببعض الفضلاء، ممن لهم مكانة عنده؛ فافعلي.

وأما الطلاق: فالمرأة إذا كانت متضررة من البقاء مع زوجها، فلها الحق في طلب الطلاق، كما هو مبين في الفتوى: 37112.

ولكن قد لا يكون الطلاق هو الأصلح للمرأة، ولذلك من الحكمة التريث فيه، خاصة وأنك قد رزقت من زوجك ببنتين. فإذا حدث الطلاق، فقد تكون عاقبته سيئة عليهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني