الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أين الله؟ سأله رسول الله لجارية معاوية بن الحكم السلمي

السؤال

أسعدكم الله في الدارين، وأشكركم على هذا الموقع الراقي، الذي يستفيد منه كل مسلم.
أنا شاب عمري 15 سنة، أحب أن أتعلّم عن دِيني وعقيدتي؛ فلذلك بحثت، وكان السؤال الذي يتبادر إلى ذهني دائمًا: أين الله؟ فبحثت عن الإجابة، والجواب هو أن الله سبحانه وتعالى في السماء على عرشه، وبعض الفرق يقولون: إن هذا السؤال لا يجوز أن يسأل؛ لأن الله سبحانه ليس له مكان وزمان، وأنه لا يجوز أن تثبت الجهة لله، وأنه لا يجوز أن تقول هذا؛ لأنك قلت: إن الله سبحانه محصور في المكان، والمكان خلقه الله، وما إلى ذلك من الآراء، وفي هذه الحالة أصبحت لديّ شكوك ووساوس بسبب هذه الأقوال؛ فأصبحت لا أعرف الصواب من هذه الأقوال، وأصبحت لديّ شكوك، وأخاف أن أكون قد كفرت، أو قلت بالتجسيم أو بالتشبيه، فما الحل؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله -تعالى- أن يلهمك رشدك، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.

وأما ما ذكرته -ابننا السائل-، فليس فيه ما يستدعي الشك في الكفر -والعياذ بالله!-

وغاية ما هناك هو البحث والسؤال لإصابة الحق، وتجنّب الخطأ، فإن أصبته في بحثك وجواب سؤالك، فالحمد لله، وإن أخطأ المجيب، فالإثم عليه هو لا على السائل الذي لم يرد بسؤاله إلا معرفة الحق، وتعلّم الصواب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم، كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد، وحسنه الألباني.

قال القاري في (مرقاة المفاتيح): يعني: كل جاهل سأل عالمًا عن مسألة، فأفتاه العالم بجواب باطل، فعمل السائل بها، ولم يعلم بطلانه، فإثمه على المفتي، إن قصّر في اجتهاده. اهـ.

وقال الشوكاني في (نيل الأوطار): المعنى: من أفتاه مفت عن غير ثبت من الكتاب والسنة والاستدلال، كان إثمه على من أفتاه بغير الصواب، لا على المستفتي المقلد. اهـ.

وأما بخصوص السؤال: أين الله؟ فالصواب أنه لا يُمنع منه.

وجوابه: أن الله في السماء، بمعنى العلو المطلق.

وكيف يمنع من هذا السؤال، وقد سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم لجارية معاوية بن الحكم السلمي، فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: «أعتقها، فإنها مؤمنة». رواه مسلم في صحيحه.

هذا مع ما جاء صريحًا في كتاب الله تعالى، كقوله عز وجل: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ. أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ {الملك:16-17}.

وراجع في ذلك الفتاوى: 1360، 6707، 119095، 151969.

ثم إننا نوصيك بالإعراض عن الوساوس، والاكتفاء في مثل سنّك بقراءة الكتب المعتمدة في العقيدة، كشرح العقيدة الطحاوية، والواسطية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني