الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتظار المرأة فترةً بعد انقطاع الدم عنها

السؤال

أريد أن أعرف مدة الجفاف للطهر من الحيض، فقد سمعت شيخًا يقول: هي يوم وليلة، فهل يلزم أن أنتظر يومًا كاملًا للتأكد من الطهر، وعدم نزول صفرة وكدرة بالجفوف؟ وهل عشر ساعات، أو أكثر تعد طُهرًا صحيحًا، والصفرة والكدرة بعد ذلك لا تعد شيئًا؟ لأني رأيت بعد دم الحيض طهرًا لمدة 14 ساعة، ثم نزلت كدرة، ثم طهرًا لمدة 13 ساعة، ولم أغتسل؛ لأني أنتظر أن يمر يوم -كما سمعت- بالجفاف، ثم أغتسل، وأنا في حيرة من أمري، وهذا الأمر أتعبني جدًّا، وشغلني عن المذاكرة للامتحانات طوال اليوم، وأشعر أن فعلي خطأ، وأنا حريصة على الصلاة، فأفتوني.
وأنا مصابة بوسواس قهري شديد جدًّا في العبادات كلها تقريبًا، وعند الاغتسال من الحيض، فشعري كثيف، وأغسله لمدة نصف ساعة تقريبا؛ للتأكد من أن الماء وصل لجميع الشعر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت تطهرين عادة بالجفاف وحده، ورأيتِه بعد انتهاء عادتك، ثم اغتسلت عند حصوله، وصليتِ ولم تنتظري يومًا، ولا نصف، فقد أصبت، وكذلك إذا رأيتِ القصة، فاغتسلتِ، وصليتِ، ولم تنتظري الجفاف.

وأما إذا كانت عادتك أن تطهري بالقصّة البيضاء، ولكنك رأيت الجفاف، فإنك تنتظرين القصّة إلى آخر الوقت المختار للصلاة، فإن رأيتِها وإلا صليتِ، وهذا قول المالكية، وهو المفتى به في موقعنا، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: عَلاَمَةُ الطُّهْرِ جُفُوفٌ، أَوْ قَصَّةٌ -وَهِيَ أَبْلَغُ-، فَتَنْتَظِرُهَا مُعْتَادَتُهَا لآِخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، بِخِلاَفِ مُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ، فَلاَ تَنْتَظِرُ مَا تَأَخَّرَ مِنْهُمَا... انتهى.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الدم إن انقطع قبل تمام العادة، ولم ترَ المرأة القصّة البيضاء؛ فإن لها أن تنتظر اليوم ونصف اليوم؛ حتى تتيقن من انقطاع الدم، وهو ما رجّحه ابن قدامة، قال -رحمه الله-: ويتوجّه أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم، فليس بطهر، لا تلتفت إلى ما دون اليوم، وهو الصحيح -إن شاء الله-؛ لأن الدم يجري مرة، وينقطع أخرى، وفي إيجاب الغسل على من تطهّر ساعة، حرج، ينتفي بقوله: وما جعل عليكم في الدين من حرج. انتهـى.

وننصحك بأن تعرضي عن الوسوسة، وان تحذري من التكلّف والغلوّ في الغسل.

واعلمي أنه بقدر ما يحذر المرء من النقصان والإخلال بالطهارة، فليحذر من الإفراط في ذلك، والزيادة، والتنطع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هلك المتنطعون... قالها ثلاثًا. رواه مسلم، وغيره.

والتكلّف والتنطّع يطلقان على المغالاة، ومجاوزة الحد، قال النووي في شرحه: أي: المتعمّقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم. اهـ.

وخير علاج للوساوس أن يعرض عنها المرء، وألا يلتفت إليها، ولم يطلب منه الشارع الوقوف عندها، والعمل بمقتضاها. وانظري للفائدة الفتوى: 51601.

ولمعرفة صفة الغسل الكامل والغسل المجزئ، انظري الفتوى: 189275.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني