الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفّكر في أسماء الرب وصفاته ومقارنتها بضعف وعجز الإنسان

السؤال

هل يجوز أثناء قراءة القرآن والأذكار تخيّل عظمة الله سبحانه وتعالى مقارنة بضعف الإنسان؛ لأنَّ ذلك يساعد على الخشوع، وفهم الآيات، والأذكار؟
فمثلًا عند قراءة سورة الإخلاص أتخيّل أنَّ الله سبحانه وتعالى واحد لا مثيل له، ولا يقارن بالإنسان، فهو خَلْق الله سبحانه وتعالى، وهناك مليارات من النَّاس، وأنَّ الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، لم يلد، ولم يولد؛ أمَّا الإنسان فهو يلد، ويولد، ولا يقدر على شيء، إلَّا إن شاء الله سبحانه وتعالى.
وعند قراءة آية الكرسي: أنَّ الله سبحانه وتعالى حيٌّ لا يموت، أقام السَّماوات والأرض، وكل شيء، أمَّا الإنسان فهو يموت، ولا يستطيع أن يصنع شيئًا، إلَّا إن شاء الله سبحانه وتعالى.
وعند قراءة سورة الفلق والنَّاس: أقول في نفسي: من سيحمينا من شر ما خلق الله سبحانه وتعالى، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النَّفَّاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد؛ غير الله سبحانه وتعالى.
وفي سورة النَّاس: أقول: من سيهتم بنا غير الله سبحانه وتعالى، ومن سيحمينا من شر الوسواس الخنَّاس غير الله سبحانه وتعالى.
وكذلك عند قراءة جميع السور والأذكار؛ لأنَّ ذلك يساعد على استشعار عظمة الله سبحانه وتعالى، وعلى الخشوع، ويزداد الإيمان بذلك، فهل تجوز هذه المقارنة، أم إنَّها لا تعد مقارنة؟ أفتوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجميع ما ذكرته أمر حسن جميل، والفكرة في أسماء الرب وصفاته، ومعرفة قوته وضعف الإنسان؛ وغناه وفقر الإنسان؛ كل ذلك من أعظم أسباب زيادة الإيمان، وهو من الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى، قال ابن القيم في بيان الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى: الْخَامِسُ: مُطَالَعَةُ الْقَلْبِ لِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَمُشَاهَدَتُهَا، وَمَعْرِفَتُهَا، وَتَقَلُّبُهُ فِي رِيَاضِ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ وَمَبَادِيهَا، فَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ: أَحَبَّهُ لَا مَحَالَةَ؛ وَلِهَذَا كَانَتِ الْمُعَطِّلَةُ وَالْفِرْعَوْنِيَّةُ وَالْجَهْمِيَّةُ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ عَلَى الْقُلُوبِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوُصُولِ إِلَى الْمَحْبُوبِ. انتهى.

فمن أنفع الفكرة التفّكر في أسماء الرب وصفاته، وهو من تدبّر القرآن المأمور به؛ لأن القرآن مملوءٌ بذكر أسماء الرب تعالى وصفاته، فتدبّر ذلك، وإعمال الفكرة فيه؛ من أعظم ما يزيد به الإيمان، ويجلب محبة الرحمن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني