الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة الرجل في المنزل خوفًا من كورونا مع خروجه للدراسة ولقضاء مصالحه

السؤال

ما حكم صلاة الرجل في المنزل؛ للوقاية من كورونا؟ وماذا إذا كان يذهب إلى الجامعة للدراسة والامتحانات، وإلى البقالة لشراء مستلزمات الحياة، وإلى بعض الأماكن العامة التابعة للحكومة لقضاء بعض المصالح، ومعظم الناس لا يأخذون بأسباب الوقاية من كورونا خارج المسجد وداخله، فهل الأولى أن يصلي في المسجد بما أنه يضطرّ للتعامل مع هؤلاء الناس، أم يصلي في المنزل تخفيفًا من التعرّض للمزيد من الناس؟ وهل عليه أن يترك الجامعة لهذا السبب؟ وهل يختلف الحال عند عودته لعائلته، فهو يعيش في مكان آخر بسبب الدراسة، والتعرّض لكل هذا قد يعرّضهم للخطر أيضًا؟ مع العلم أن بعض الأماكن -كالجامعة- يقوم المسؤولون فيها ببعض الإجراءات للتشديد على من يدخل هذه الأماكن بأخذ أسباب الوقاية -كارتداء الكمامة-، ولكن لا يوجد مسؤولون يقومون بهذا في المساجد، بل يهملونها. أفتوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد بينا في الفتوى: 414331 أنه يجوز التخلف عن الجماعة خوف المرض المعدي.

والأولى أن تصليها جماعة في بيتك؛ فجمهور العلماء -وهو ما عليه معتمد المذاهب الأربعة- أن صلاة الجماعة غير واجبة على الأعيان في المساجد، وانظر في هذا الفتوى: 191365.

فلا تثريب على من أخذ بهذا القول، وصلّى في بيته جماعة، ولو لم يكن هناك وباء، وراجع للفائدة الفتوى: 423232.

وأما صلاة الجمعة: فالأصل هو وجوب صلاتها في المسجد لمن سمع النداء، والرخصة في التخلّف عنها ليست رخصة عامة، وإنما تختلف بحسب الواقع، والضرر المتوقع، ونسبة وقوعه؛ فكبير السن، أو ضعيف المناعة كثير الأمراض، يختلف عن الشاب القوي. والبلد الذي انتشر فيه الوباء وكثرت فيه حالات الإصابة والوفيات، ليس كغيره، وهكذا.

ومثل هذه النوازل العامة، ينبغي أن يُرجَع في تقدير ضررها، ونسبة وقوعه إلى أهل الاختصاص، والجهات المعنية والهيئات الصحية، فهم أهل الذكر في هذه القضية، ولا يستبدّ المرء فيها برأيه، وتقديره الشخصي، وانظر المزيد في الفتاوى:414400، 421285، 429505.

وخروج الشخص إلى قضاء حاجاته ومصالحه، لا يمنع من الترخّص بترك الجمعة والجماعة في حال قيام سبب الرخصة، فليس من شرط الرخصة أن يعتكف المرء في بيته، ولا يخرج منه.

نعم، قد تكون مبالغة الشخص في مخالطة الناس لغير حاجة، وغشيان أماكن التجمعات، وإهماله للإجراءات الاحترازية، دليلًا على أن دعواه خشية الإصابة بالعدوى ليست حقيقة، وأن تخلّفه عن الجمعة إنما هو تكاسل وتفريط.

وأما قولك: (فهل الأولى أن يصلي في المسجد بما أنه يضطرّ للتعامل مع هؤلاء الناس، أم يصلي في المنزل تخفيفًا من التعرّض للمزيد من الناس؟)، فالأصل أن الصلاة في المسجد أولى وأفضل.

وأما قولك: (وهل عليه أن يترك الجامعة لهذا السبب؟ .. وهل يختلف الحال عند عودته لعائلته؟): فلا يجب عليك ترك الجامعة في أية حال، ولو قلنا بهذا، لقلنا بوجوب المكث في البيوت، وحرمة الخروج منها مطلقًا، ولو كان الخروج لحاجة، ولا يمكن القول بهذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني