الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الوالد في أمر الدراسة

السؤال

أدرس الطب، ولا أتحمّل الضغط النفسي، وأحصل على امتياز دائمًا، ومع ذلك أبي يضغط عليّ؛ لأنه يريدني من الأوائل، وهذه ليست رغبتي، فرغبتي التفرّغ التام للعبادة، ولا أريد الزواج، ولا العمل، وهو يستخدم العنف معي، وكلما حاولت النقاش معه، يقول: أنا وليّك، وسأجبرك على المذاكرة.
وقد بدأت بسبب ذلك أفقد عقلي ودِيني، لا تطلبوا مني أن أجمع بين الاثنين، فأنا عندما أحاول، أنحرف دائمًا تجاه الانغماس في الدنيا؛ مما يترتب عليه ابتلاءات عدة في أهلي، ولا تقولوا: هذا وسواس؛ لأني أعلم متى يكون وسواسًا ومتى لا يكون.
أريد أن يتركني أبي أفعل ما أريده من تفرّغ للعبادة، فهو لا يتركني حتى في هذه الأيام مع أنه ليس لديّ امتحانات ولا حضور. وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرًا على حرصك على الاستقامة، والطاعة، والعبادة، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً، وتقىً، وصلاحًا، وأن يرزقك نور البصيرة في سيرك إليه.

ولعل من المناسب أن نبدأ بما ذكرت من رغبتك في التفرّغ للعبادة وترك الزواج، فهذا النهج مخالف للهدي النبوي، وهو من التبتل المذموم، كما بينا في الفتوى: 26120.

فهو إذن نهج مذموم، ليس لك السير عليه، منعك منه أبوك أم لا.

وفي الزواج كثير من خير الدنيا والآخرة، وفي الرغبة عنه حرمان للنفس من هذا الخير، وانظري لمزيد الفائدة الفتوى: 414163.

وبخصوص طاعتك والدك في أمر الدراسة، فمهما أمكنك طاعته فيها، فافعلي؛ ففي بر الوالدين رضا الله عز وجل، والفوز بالجنة، وللمزيد فيما يتعلق بفضل بر الوالدين، راجعي الفتوى: 58735.

ولا يخفى أن الوالد يحب أن يرى أولاده في تفوق، ونجاح، ويعجبه ذلك.

وإن كانت الدراسة تشق عليك، ولا تضرك؛ فالواجب عليك طاعته.

وإن كنت تتضررين بها، فلا تجب عليك طاعته؛ لأن طاعة الوالدين لا تجب فيما فيه ضرر على ولدهما، وانظري الفتوى: 76303، والفتوى: 120335.

ولكن انتدبي إليه -والحالة هذه- من يعينك في سبيل إقناعه بترك هذه الدراسة.

وأكثري من دعاء الله سبحانه، والتضرّع إليه أن ييسر إقناعه. فإن اقتنع، فالحمد لله، وإن لم يقتنع، وعنف عليك، وأساء معاملتك، فاتقي الله، واصبري.

وكوني على حذر من أن يصدر منك ما يستوجب الوقوع في العقوق، بل يجب عليك برّه على كل حال؛ فإساءة الوالد لا تسقط عن الولد برّه، وراجعي الفتوى: 299887.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني