الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الميل إلى الذكور بين المؤاخذة وعدمها

السؤال

أنا فتاة عمري 23 عاما، مسلمة، والحمد لله، لدي ميول فظيع تجاه الأولاد، خصوصا إن أعجبت بأحد. أشعر بضعف شديد أمام كل شخص أكن له مشاعر طيبة، ليس حبا، حتى أنه لا مانع لدي في أن أسلم بيدي، لا مانع لدي أن يمسكني أحدهم في لحظة مثلا، لا مانع لدي في أن أضم أحدا مثلا من أقاربي عند العزاء في موت شخص نحبه، لا مانع لدي إن طلب مني أحد -وأنا أحمل له مشاعر طيبة- مثلا أن أضغط على رأسه لأنه يؤلمه، لا يكون لدي مانع، بل بالعكس أكون سعيدة.
ذكرت لكم هذا أولا متعمدة أن أذكر الإيجابيات في النهاية؛ لأني متأكدة أنكم ستكتبونها لي كحلول.
مع كل ذلك أنا أصلي صلواتي في وقتها، مستحيل أن أضيع صلاة، وأصلي الضحى، وأحب أن يكون لي ورد قرآني، وأحيانا أقوم الليل، وحين أجلس مع نفسي في لحظة أعاتبها، وأبكي كثيرا، وأستغفر الله.
لدي طموح ديني عال، وبدأت حفظ القرآن فعلا، وقطعت أشواطا في التجويد، وأحب أن أواصل حفظي، وأن أراجع ما حفظته، فقد أكملت سورة البقرة.
أحيانا كثيرة أشعر بالله، وبقربه، وكلما دعوته استجاب لي، حتى أنني في كل مرة أشعر أنه لن يغفر لي، فأدعو بشدة، وأبكي، وأطلب من الله إن كان غفر لي مثلا أن يحدث كذا أو كذا، وسرعان ما يحدث فعلا، فأبكي لكرم الله، ويتكرر معي ذلك مرارا.
قررت كبح نفسي عن هذه الأشياء، لكن لا فائدة ترجى مني، حاولت طريقا جديدا، فارتديت النقاب، والتزمت به للآن، وقد أكملت شهري العاشر، لكنني أيضا أضعف. هنالك لحظات ضعف لا أستطيع الوقوف أمامها بكل ما عملت من عمل، وأقسم أن حب الله في قلبي، لكنني لا أدري لماذا أنا هكذا.
أحب الله، وأحب الدين، لكنني أحب أشياء أخرى لعينة، فأفيدوني كيف أتخلص منها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يصلح قلبك، ويشرح صدرك، ويصرف عنك السوء.

واعلمي أنّ مجرد الميل القلبي إلى الذكور؛ لا مؤاخذة عليه ما لم يترتب عليه محظور، أمّا الأفعال البدنية، كالمصافحة واللمس والضمّ ونحو ذلك؛ فهي من المنكرات الظاهرة، والتي تجب عليك التوبة منها إلى الله تعالى.

وكذا إذا كان الميل إلى الذكور مبالغا فيه؛ فهو مذموم، لكن التخلص من هذا التعلق المبالغ فيه، والتغلب على هذه الشهوات؛ أمر ميسور -بإذن الله- ما دمت صادقة الرغبة في التقرب إلى الله، واجتناب ما يغضبه.

واحذري من تخذيل الشيطان، وإيحائه لك باليأس، والعجز عن التوبة والاستقامة؛ فذلك من وسوسته ومكائده، فإنّ التوبة من هذه الذنوب يسيرة بإذن الله تعالى، ومهما تكرر الذنب وتكررت التوبة، فهي مقبولة بإذن الله، قال تعالى: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ {البقرة:222}. قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: أي: من الذنب، وإن تكرر غشْيانه. انتهى.

فاستعيني بالله تعالى، وتوكلي عليه، وجاهدي نفسك على الثبات على طاعة الله، والبعد عن ظاهر الإثم وباطنه، وكلما وقعت في إثم؛ فبادري بالتوبة إلى الله، والإقبال عليه.

واحرصي على مصاحبة الصالحات، وسماع المواعظ النافعة، وأبشري خيرا، وأحسني ظنك بربك، واشغلي وقتك بما ينفعك، وأكثري من ذكر الله، ودعائه، فإنّه قريب مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني