الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن يشعر بوسواس الرياء

السؤال

بعد موضوع المسافات بين المصلين، كنت أبحث عن مسجد يصلي فيه الناس دون مسافات، ووجدت مسجدين، ولكن بعد فترة عملوا مسافات، ووجدت مسجدًا آخر يُصلّى فيه دون مسافات، فصليت فيه -والحمد لله-، وبعد أن بدأت الصلاة فيه بفترة سألني من يصلي بالناس إمامًا: هل أنت حافظ للقرآن؟ فأجبته بأني لا أحفظه كله، ولم أستطع التهرّب؛ لئلا أقع في الكذب، وكان هو أول من علم بحفظي، ثم بعدها بفترة قدّمني مؤذن المسجد للإمامة، فقرأت مما أحفظ، ولا أعلم لماذا اختارني أنا -ربما أخبره الإمام-.
وبعد دخول شهر رمضان قدّموني للصلاة بهم في العشاء والتراويح عند غياب الإمام، وبعد انتهاء شهر رمضان أصبحوا يقدّمونني في الصلوات الجهرية والسرية، وأصبحت معروفًا في المسجد -ربما لصغر حجمه-، وبعضهم صاروا يقولون لي: "شيخ"، وأنا خائف جدًّا أن يحبط أجر حفظي للقرآن، أو أجر الصلاة، واشتد خوفي من الرياء أيضًا بعد أن أطلقت لحيتي، وكنت أنوي إطلاقها من قبل ذهابي لهذا الجامع.،وأصبحت أشعر كأن حديثًا في داخلي يقول بأنني أفعل هذه الأفعال من أجل الناس.
وعندما أدخل المسجد، وأصلي تحية المسجد، أو السنن القبلية يأتي في خاطري أنني أصلي من أجل الناس، أو أن الناس يلاحظونني مع أنني أصلّي السنن البعدية في البيت -والحمد لله-، إلا عند الضرورة.
وفي بعض الأحيان أقول: إن ما أنا فيه ربما يكون خيرًا، ونعمة من الله، وفي الوقت نفسه ابتلاء، وفتنة لي، أو اختبار.
وأنا أحاول إخفاء ما أحفظ من كتاب الله عن أهلي والجميع، وعند إمامة الناس أكون مضطرًّا أن أقرأ مما أحفظ، فانصحوني؛ فإني خائف من حبوط العمل، هل أترك هذا المسجد أم ماذا؟ وأنا أذهب إليه بسبب إقامة الصفوف دون مسافات، ولا يوجد مسجد الآن يسدّ هذه المسافات بين المصلين، إلا مسجد الجامعة، وهذا وقت الجامعة فقط.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننبهك أولًا إلى أن اتخاذ هذه المسافات بين المصلين حذرًا من انتشار الوباء، ليس ممنوعًا، بل هو من الأخذ بالأسباب المشروعة، وتسوية الصف سنة عند عامة العلماء؛ فترك هذه السنة حذرًا من تفشي المرض، مما لا حرج فيه -إن شاء الله-.

والذي ننصحك به هو أن تدع عن نفسك وسواس الرياء، وأن تجتهد في فعل الصالحات، مخلصًا لله تعالى.

وإمامتك لهؤلاء الناس- إن كنت أحفظهم-، شيء حسن، تثاب عليه -إن شاء الله تعالى-.

ولا تمتنع من الإخبار بمقدار حفظك؛ فإنك إن أخبرت بهذا بقصد أن يُقتدَى بك في الخير، كنت مثابًا -إن شاء الله-.

وبالجملة؛ فالوسوسة في باب الرياء، تصدّ عن كثير من سبل الخير، وليست هي أمرًا محمودًا.

فدعك منها، واحرص على تحقيق الإخلاص، ما أمكن.

وإن دعت مصلحة راجحة لإبداء عملك، فلا تمتنع من ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني