الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الوالد إذا عزم على ابنه في ترك صيام النافلة أو أكل طعام معين أو ترك طعام آخر

السؤال

في السنوات الأخيرة بدأ أبي يحافظ على صحته جدًّا، وانقطع عن أكل كثير من المأكولات السكرية، وغير ذلك، وبدأ ينبّه عليّ حينما يراني آكل الخبز، أو السكريات، أو أشرب العصير، أنها ضارّة، ومن حين لآخر يقول لي: لا تتناول هذه الأشياء؛ وصار ينبّهني أنه يلزمني أكل السلطة مثلًا مع أنني لا أحبّها، ولا أستطيع أكلها إلا بمشقة.
سألت أبي الكريم مرة عن هذه الأوامر -أي: عدم شرب العصير كثيرًا، وغير ذلك-: هل أنا ملزم باتّباعها أم هي نصائح فقط؟ فقال لي: إنها نصائح، لكن المشكلة أنه لا يزال إلى يومنا هذا يأمرني من حين إلى آخر بأن أنقص شرب العصير، وأكل الخبز مثلًا، لكنني أخشى إذا اتّبعت أوامره أن أنحف كثيرًا، علمًا أنني نحيف أصلًا، ويأمرني أن أترك صيام بعض الأيام، فأنا أكثر من صيام النفل -ولله الحمد-، فإذا لم أتّبع أوامر أبي في عدم الإكثار من أكل الخبز وغيره؛ بنية المحافظة على وزني؛ لئلا يأمرني بترك صيام النافلة؛ فهل ذلك يعدّ عقوقًا؟ مع العلم أن أبي لا يغضب إذا رآني آكل هذه الأشياء، ولكنه يأمرني أن أتركها، أو أقلّل منها، فأرجو النصيحة في هذه القضية؛ إذ قرأت أنه تجب طاعة الوالد إذا كان له سبب، أو مقصد حسن، ولو نظرنا إلى أوامره؛ فإنه يريد الحفاظ على صحتي في المستقبل، فهل يجوز لي أن أستمرّ في تناول الخبز، وهذه الأشياء؛ حتى لا أنحف، فيأمرني أبي بتقليل صيام النافلة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت أن والدك ينصحك، ولا يعزم عليك؛ فلا وجه للسؤال عن وجوب الطاعة، والإثم بالمخالفة؛ فالكلام عن وجوب طاعة الوالدين إنما هو في حال أمرهما أو نهيهما للابن على وجه العزم، والإلزام.

وعلى كل حال؛ فإنه تجب طاعة الوالد إذا عزم على ابنه في ترك صيام النافلة، كما سبق في الفتويين: 268144، 252808.

وأما نهي الابن عن تناول أطعمة معينة مباحة، وإلزامه بأكل أطعمة معينة؛ فلا تجب طاعة الأب فيه، قال ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وأنه إذا امتنع، لا يكون عاقًّا.

وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه، مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه؛ كان النكاح كذلك وأولى. اهـ.

لكن الأفضل هو طاعة الوالد، والاستجابة لأمره.

وراجع للفائدة في ضوابط وجوب طاعة الوالدين الفتوى: 76303.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني