الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفع الصوت على الأب وإغلاظ القول له من العقوق

السؤال

أرجو سماع مشكلتي بالكامل. كنا نملك الكثير من الأراضي، ولكن أبي كان لا يعمل، ويقوم ببيع الأراضي؛ لكي يصرف علينا.
لكنه ليس هو من يبيع الأراضي -فكل ميراث جدي بيد عمي- فهو الذي يبيع ويعطينا حقوقنا. وهو لا يعرف أي شيء في الحياة، ولا يعرف ما يملكه إلا عندما تباع الأرض.
وكنا ندخل في أزمات مادية لا تنتهي، إلا عندما يقرر عمي بيع أرض هو في حاجة لبيعها.
ونظرا لأنه لم يكمل دراسته الثانوية، ولم يتعلم شيئا في الحياة، فكان كلما حدثت أزمة مالية، أو على وشك الحدوث كانت والدتي، وبعد ذلك أنا وإخوتي نناقشه في حل مشكلتنا، ونقترح عليه الحلول حتى يقوم بالصراخ الشديد، ويلطم على وجهه. فهو لا يستطيع أن يناقش أخاه في الأمور المتعلقة بالميراث، وهذا لضعف أبي.
نقترح حلولا لحل المشكلة، ويفعل ما يفعل كل مرة. ولكنه يصرف علينا، ولا يبخل وهذه حقيقة، ولكن لا يحسب ما عنده من مال حتى نصبح في أزمة. فإما أن يسحب من البنك، والذي سرعان ما ينتهي ليس لقلة المبلغ، ولكن لكثرة السحب دون وجود أي دخل، ودون حساب ما معه من المال، فتجد 5000 جنيه تصرف في ثلاثة أسابيع، ويسحب من البنك وهكذا، أو يقوم بالاقتراض حتى يتم بيع أرض ويرد ما عليه.
أما نحن فثلاثة إخوة: أخي الأكبر 32 سنة، وأنا 26، وأخي الأصغر 24.
المهم تخرجنا من الكليات، وأنهينا الجيش، وبعد ذلك أصبح وضعنا أنا وإخوتي صعبا؛ لأننا نريد الزواج، ونرى من حولنا يتزوجون، وآباء يفرحون بأولادهم، إلا هذا الرجل الذي ذهبت لكي أطلب منه أن يجهز لي شقة -وعلى الرغم من قلة الأراضي التي لدينا، ولكنها تكفينا إذا تم بيعها للزواج- ولكنه لا يعرف، وعمي مشغول في ابنه الذي مرض بالسرطان، وهو في القاهرة منذ سنتين، وبالتالي فحالنا متوقف.
المهم أنني من شدة احتياجي للزواج ذهبت إليه، وطلبت أن يجهز لي شقة، وأنا سأتصرف في الوظيفة -بإذن الله- لكي أتزوج. وعندما قلت هذا كأني سببته، أو تحولت إلى مجرم، فأصبح يصرخ بصوت عال، وغضب، بل والدعاء على نفسه، والكلام الثقيل الذي لا يطيقه أحد أو يستطيع ابن أن يسمعه من أبيه، الذي من المفترض أن يفرح بسماع هذا، أو يناقش بكل هدوء واحترام الرغبة التي بداخلي، لا، حتى أصبحت أرمي ببعض الكلمات الثقيلة، وحتى أوصلني إلى الصراخ في آخر الكلام. فماذا أفعل؟ وهل أنا عاص عندما طلبت منه الزواج؟
وهل ما أوصلني إليه من شعور أدى إلى الصراخ، ورمي بعض الكلمات الثقيلة مثل قول: أنا سأتزوج بطريقتي، وقول: أنت تريد أن تدفننا. هل هذا عقوق؟ وهل هو ليس مسؤولا عن زواجي؟ وما حكم الدعاء عليه؟
أرجو مساعدتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك أن ترفع صوتك على أبيك، أوتغلظ له في القول، فهذا نوع من العقوق، كما لا يجوز لك أن تدعو عليه، ولو كان ظالما لك، وراجع الفتوى: 171033.

والواجب عليك أن تخاطب والدك بالأدب، والتوقير، والتواضع، وتلين له الكلام، قال تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.

قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة في أقواله، وسكناته ونظره، ولا يحد إليهما بصره؛ فإن تلك هي نظرة الغاضب. انتهى.

ولا مانع من سؤالك إياه أن يعينك على الزواج إن كان قادرا، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب إعفاف الابن على أبيه إذا كانت نفقة الابن واجبة على أبيه.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: على الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته، وكان محتاجا إلى إعفافه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني