الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لون ماء أنهار الجنة

السؤال

ما لون ماء أنهار الجنة؟ فعند تصفّحي لأحد المراجع علمت أن ماء الكوثر أشد بياضًا من اللبن، فهل هو نفس لون باقي الأنهار؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ورد في السنة أن ماء الكوثر أبيض من اللبن -كما في سنن الترمذي، وقال: حسن غريب، وقال الألباني: حسن صحيح-، عن أنس بن مالك قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الكوثر؟ قال: ذاك نهر أعطانيه الله -يعني في الجنة- أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، فيها طير أعناقها كأعناق الجزر. قال عمر: إن هذه لناعمة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلتها أحسن منها.

وورد أيضًا أن ماء نهر الكوثر أشد بياضًا من الثلج، فعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، ومجراه على الدر، والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل، وأبيض من الثلج. أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وورد كذلك في السنة أن ماء حوض النبي صلى الله عليه وسلم لونه أبيض من اللبن، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها، فلا يظمأ أبدًا. وراجع للفائدة الفتوى: 58851.

وفي الجنة أنهار من اللبن، ولونه أبيض -كما لا يخفى-.

وفيها أنهار من خمر، وقد جاء في القرآن العظيم وصف خمر الجنة بقوله سبحانه: يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ* بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ {الصافات:45-46}، وذهب جمع من المفسرين إلى أن البياض في الآية وصف للخمر نفسها، وقيل: بل هو وصف للإناء، جاء في زاد المسير لابن الجوزي: قال الضحاك: كل كأس ذكرت في القرآن، فإنما عني بها الخمر، قال أبو عبيدة: الكأس: الإناء بما فيه. والمعين: الماء الظاهر الجاري.

قال الزجاج: الكأس: الإناء الذي فيه الخمر، وتقع الكأس على كل إناء مع شرابه، فإن كان فارغًا، فليس بكأس. والمعين: الخمر يجري كما يجري الماء على وجه الأرض من العيون. قوله تعالى: بيضاء، قال الحسن: خمر الجنة أشد بياضًا من اللبن، قال أبو سليمان الدمشقي: ويدلّ على أنه أراد بالكأس الخمر، أنه قال: «بيضاء» فأنّث، ولو أراد الإناء على انفراده، أو الإناء والخمر، لقال: أبيض. وقال ابن جرير: إنما أراد بقوله: «بيضاء» الكأس، ولتأنيث الكأس أنثت البيضاء. اهـ.

وأما: هل كل أنهار الجنة بنفس اللون أم لا؟

فلم نقف على شيء في هذا، ولا شك أن تفاصيل نعيم الجنة من أمر الغيب، الذي يقتصر فيه على نصوص الوحي، ولا مجال للرأي فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني