الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

متى تنقض التوبة، أو ما الحالات التي تفسد التوبة، مع ذكر الدليل؟
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتوبة النصوح هي التي استوفت شروطها التي هي: الإقلاع عن المعصية لوجه الله تعالى، والندم على فعلها أصلا، ثم النية الجازمة ألا يعود إليها أبدا فيما بقي من عمره. كما في الفتوى: 78925

فإذا تاب العبد من الذنب بهذه الشروط؛ قبل الله تعالى توبته. فإذا عاد العبد بعد ذلك إلى ارتكاب معصية مّا، فإن ذلك لا يبطل توبته الأولى التي استوفت شروطها، ويجب عليه أن يبادر بالتوبة النصوح كلما صدر منه ذنب بعد ذلك، فكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.

فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يحكي عن ربه -عز وجل-، قال: أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك. قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة: «اعمل ما شئت» اهـ. متفق عليه، واللفظ للإمام مسلم.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: وهذه الأحاديث ظاهرة في الدلالة لها، وأنه لو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر وتاب في كل مرة، قبلت توبته وسقطت ذنوبه، ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها صحت توبته.

قوله عز وجل للذي تكرر ذنبه: (اعمل ما شئت فقد غفرت لك) معناه ما دمت تذنب ثم تتوب، غفرت لك. اهـ.

وفي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: قوله: ((فليعمل ما شاء)) معناه إذ كان هذا دأبه، يذنب الذنب فيتوب منه ويستغفر فليفعل ما شاء؛ لأنه كلما أذنب كانت توبته واستغفاره كفارة لذنبه فلا يضره. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني