الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من تأخير التوبة

السؤال

هل يجوز تحديد موعد للتوبة.
مثال: سأتوب يوم الخميس القادم؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتوبة من الذنوب تجب المبادرة إليها على الفور، ولا يجوز تأخيرها وتسويفها للغد أو بعده، بل قال العلماء إن تأخير التوبة ذنب يستوجب التوبة.

فمن فعل الذنب وسوَّف التوبة منه قائلا سوف أتوب، فقد أساء مرتين، مرة بفعل الذنب، والأخرى بتسويف التوبة منه.

قال ابن القيم -رحمه الله-: الْمُبَادَرَة إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، فَمَتَى أَخَّرَهَا عَصَى بِالتَّأْخِيرِ، فَإِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ بَقِيَ عَلَيْهِ تَوْبَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ تَوْبَتُهُ مِنْ تَأْخِيرِ التَّوْبَةِ، وَقَلَّ أَنْ تَخْطُرَ هَذِهِ بِبَالِ التَّائِبِ، بَلْ عِنْدَهُ أَنَّهُ إِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْ تَأْخِيرِ التوبة. انتهى.

ومن يضمن للمذنب أنه سيعيش إلى الغد أو إلى وقت أقرب من ذلك، فإن المرء لا يدري متى يأتي أجله وتحل ساعته، ومن السذاجة أن يغتر بصحته أو شبابه أو غير ذلك؛ لأن الموت يأتي للصحيح كما يأتي للسقيم، ويأتي للشاب كما يأتي للشيخ، ويأتي مناما كما يأتي يقظة. وقد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {لقمان:34}.

وقد صدق الشاعر؛ إذ يقول:

تَزَوَّدْ مـن التقـوى فإنك لا تـدري إذا جَنَّ ليلٌ هـل تعيشُ إلى الفجرِ

فكم من فَتًى أمسى وأصبح ضاحـكا وقد نُسِجَـْت أكفانُه وهو لا يدرِي

وكم من صغارٍ يُرْتَجَى طولُ عمرهم وقد أُدخلت أجسامُهم ظلمـةَ القبرِ

وكم من عروسٍ زينوهـا لزوجهـا وقد قُبضت أرواحُهـم ليلةَ القدرِ

وكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ وكم من عليلٍ عاش حيناً من الدهرِ
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني