الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يطاع الوالد في أمره ولده بقطع الأم

السؤال

تطلق والداي منذ زمن طويل، وأتت والدتي مجددا من أجل رؤيتي، رفض أبي ذلك، قائلا: أين هي طوال تلك المدة عنك؟ وهددني إن رأيتُها بأنه سوف يطردني، ويقطع علاقته بي للأبد. ثم خيَّرني بينه وبينها، فأردتُ بر كليهما، ولكنه رفض، إلا أن أختار، فاخترت من اختارها وفضلها الإسلام عليه بدرجات.
أنا الآن لا أتحدث معه، فأبي يريدني أن أختاره وأقطعها، واعتذاري له يعني ندمي على التواصل معها، وعدم العودة إلى ذلك مجددا؛ ولذلك فأنا خائفة من الاعتذار له. فلا أريد قطعها، ولا أن أؤذيها، وهي أمي، ومن أنجبتني، واعتنت بي إلى عمر السنتين، وهو العمر الحرج للطفل. أبي غاضب مني لحبي إياها، ورغبتي في برها، وأمر زوجته وإخوتي بقطيعتي. نحن الآن نتحدث بالخفاء دون أن يعلم. فهل يأثمون بذلك؟ وخصوصا زوجة أبي، هل تأثم بعدم طاعتها لزوجها في قطعي؟ مع العلم أننا نعيش في منزل واحد، وجميع إخوتي من أبي. أي أنه يريد تركي وحيدة، وعزلي عنهم.
أنا أخاف من الذهاب إليه والاعتذار، ثم اختياره وقطعها، والذي هو شرط رضاه عني، بأن أغضب الله. فهذه أمي، وأبي يريد الانتقام منها فيَّ، وقد أجبرني على قطعها، وفصل الإنترنت عني حتى لا أتحدث معها. نصحته بأن هذا حرام، ورفض. هو يريدني إما أن أختاره ويحدثني، وإما والدتي. ويطردني عند مجيئها لأخذي.
ماذا أفعل؟ وهل أأثم في قطعي لوالدي؟ فسبيل رضاه الوحيد إيذاء والدتي وعقوقها؛ ولذلك اخترت الاعتراض بالقلب، وعدم الاعتذار له عن تواصلي مع والدتي، والذي بسببه نحن لا نتحدث الآن. لا أعلم ما هو العمل؟ إن أرضيته عققتها، وأن أردت بره عققتها. وهو هداه الله من وضعني في هذه الحالة. والله شاهد أنني أردت برهما جميعا.
فمن أختار؟ وهل يجوز لزوجة أبي عدم طاعته في قطعي؟ هي مثل أمي، وأحتاج إليها في جميع أمور حياتي.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك بر والديك جميعا، ولا تجوز لك طاعة أحدهما في قطع الآخر؛ فالطاعة إنما تكون في المعروف.

وعليه؛ فقد أحسنت بصلة أمّك، وعدم طاعة والدك في قطعها، ولا تلزم زوجته وأولاده طاعته في قطعك، ولا إثم عليهم في مكالمتك دون علمه.

لكن عليك صلة أبيك وبرّه، ولا يجوز لك قطعه، وينبغي عليك استعمال الحكمة والمداراة معه؛ فيمكنك صلة أمّك دون علمه، واستعمال المعاريض والتورية للتخلص من غضبه. وراجعي الفتوى: 68919.

فإذا بذلت وسعك في برّ أبيك واسترضائه، ولكنّه بقي غاضبا عليك بسبب صلتك أمّك؛ فنرجو ألا يضرك غضبه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني