الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من اكتفى بغسل كفّيه في ابتداء الوضوء ولم يعد غسلهما عند غسل اليدين للمرفقين

السؤال

كنت أصلّي في الماضي بوضوء ناقص جاهلًا، فقد كنت أغسل اليدين إلى المرافق، وأنسى غسل الكف والأصابع، فما حكم صلواتي؟ وماذا يجب عليَّ أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فاليدان تغسلان مرتين في الوضوء: غسلة أولى إلى الكوعين عند البدء بالوضوء، وهذه الغسلة سنة، وغسلة ثانية إلى المرفقين، وهي الفرض، وهي المرادة بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ {المائدة:6}.

والأصل أن الغسلة الأولى لا تجزئ عن الغسلة الثانية؛ وذلك لسببين:

أولهما: أن الغسلة الأولى كانت بنية السنية، والثانية بنية الفرض، ونية السنية لا تجزئ عن نية الفرض، كما هو معلوم.

وثانيهما: أن الترتيب بين فرائض الوضوء -حسبما هو مذكورة في الآية- واجب.

وعليه؛ فتكون الغسلة الأولى لليدين سابقة على غسل الوجه؛ فلا تجزئ عن الغسلة الثانية التي يفترض أن تكون بعد غسل الوجه. هذا هو الأصل كما ذكرنا.

وعليه؛ فإن كنت فيما سبق تغسل كفيك في ابتداء وضوئك، ثم لا تعيد غسلهما عند غسل يديك الى المرفقين؛ فوضوؤك غير صحيح؛ لأنه ناقص، إلا على قول عند بعض الحنفية، جاء في البحر الرائق لابن نجيم: اعلم أن في غسل اليدين ابتداء ثلاثة أقوال:

قيل: إنه فرض، وتقديمه سنة، واختاره في فتح القدير، والمعراج، والخبازية، وإليه يشير قول محمد في الأصل بعد غسل الوجه: ثم يغسل ذراعيه، ولم يقل: يديه؛ فلا يجب غسلهما.

ثانيا: وقيل: إنه سنة تنوب عن الفرض؛ كالفاتحة؛ فإنها واجبة تنوب عن الفرض، واختاره في الكافي، وقال السرخسي: إنه سنة، لا ينوب عن الفرض؛ فيعيد غسلهما -ظاهرهما، وباطنهما-، قال: وهو الأصح عندي، واستشكله في الذخيرة بأن المقصود هو التطهير؛ فبأي طريق حصل حصل المقصود، وظاهر كلام المشايخ أن المذهب الأول. انتهى.

وعلى هذا القول يمكن تصحيح وضوئك فيما مضى؛ رفعًا للمشقة المترتبة على إبطاله بالكلية، والعمل بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر لمن كان جاهلًا بالحكم مما رخّص فيه بعض العلماء كما بينا في الفتوى: 125010.

هذا ونوصيك بالحرص على التفقّه في دِينك، والسؤال عما أشكل عليك قبل أن تعمل فيه بشيء؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرًا، يفقهه في الدين. رواه البخاري، ومسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني