الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاستدلال بحديث تداعي الأمم على المسلمين على ما يحدث في أرض الشام في وقتنا هذا

السؤال

سؤال في حديث الرسول صلي الله عليه وسلم: عن أبي عبد السلام، عن ثوبان، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها». فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن». فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت».
رأيت اليوم تكالب الأمم على أرض الشام، فقلت: "هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم"، ثم قلت: "والله أعلم". هل أخطأت أم أصبت؟
وقلت "الله أعلم" لأني لا أعلم هل يستدل بالحديث في هذا الزمان أم في زمان يليه، الله سبحانه وتعالى أعلم.
أفتوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيرى بعض العلماء أن هذا الحديث ينطبق على كل ما يقع من تسلط الكفار على أهل الإسلام، وأنه ليس خاصًّا بزمن معين؛ جاء في كتاب القيامة الصغرى للأشقر: من علامات الساعة: تكالب أمم الكفر على هذه الأمة؛ ففي الحديث عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوَهْن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".

وقد وقع هذا عبر التاريخ أكثر من مرة، عندما تداعت الأمم الصليبية إلى غزوة هذه الأمة، ومرة أخرى عند اجتياح التتار العالم الإسلامي، ولكن هذه النبوءة تحققت في القرن الأخير بصورة أوضح؛ فقد اتفق الصليبيون واليهود والملاحدة على هدم الخلافة الإسلامية، ثم جزؤوا الديار التي كانت تحكمها، وتقاسموا ديار المسلمين فيما بينهم، وأعطوا فلسطين لليهود، وأصبح المسلمون أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام، ولا تزال قوى الشرّ إلى اليوم متداعية لتدمير هذه الأمة، وامتصاص خيراتها، ونهب ثرواتها، وإذلال رجالها، والأمة الإسلامية خانعة ذليلة، لم تغن عنها كثرتها، غثاء كغثاء السيل، وعلتها كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: الوَهْن: حب الدنيا، وكراهية الموت. اهـ.

وقال العباد في شرحه لسنن أبي داود: وهذا الحديث منطبق تمامًا على هذا الزمان، والمسلمون اليوم عددهم كثير جدًّا، ولكنهم مشتغلون بالدنيا، وحريصون على الدنيا، وخائفون من الموت، فصاروا يخافون من أعدائهم، وأعداؤهم لا يخافون منهم.

لكن لا يعني هذا أنه ما حصل إلا في هذا الزمان، فقد يكون حصل في الماضي، وكذلك يحصل في المستقبل، لكن المشاهد المعاين اليوم أنه حاصل. اهـ.

فعلى هذا؛ الاستدلال بهذا الحديث على ما يصيب المسلمين في الشام من تكالب الأمم عليهم صواب -نسأل الله أن يعجل بنصرهم، وأن يهلك عدوهم-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني