الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أوصت بذهبها لبناتها الثلاث ولم تعلم بوفاة اثنتين منهنّ

السؤال

جدّتي لأمّي توفيت بعد وفاة والدتي، وكانت منقطعة عنا في بلد آخر، ولا تعلم أن والدتي متوفاة، وقد علمنا أن جدّتي كانت لها وصية قبل وفاتها، وهي أن ما تملكه من ذهب لبناتها، ولم تكن تعلم بوفاة اثنتين من بناتها الثلاث، وماتت وهي لا تعلم، وليس لديها أولاد ذكور، وجدّي لأمّي متوفى، فهل لأولاد بناتها الحق في الوصية، أم إن الوصية لبنتها التي ما زالت على قيد الحياة؟ جزاكم الله خيرًا على جهودكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن وصية جدّتك لابنتيها اللتين توفيتا قبلها؛ تعد باطلة، ولا تأخذها البنت الحية، ولا أولاد البنتينِ اللتين قد توفيتا، بل تكون الوصية الباطلة من جملة تركة جدّتك، قال ابن قدامة في المغني: ولا تصحّ الوصية لميت. وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعي.

وقال مالك: إن علم أنه ميت؛ فهي جائزة، وهي لورثته بعد قضاء ديونه، وتنفيذ وصاياه؛ لأن الغرض نفعه بها؛ وبهذا يحصل له النفع؛ فأشبه ما لو كان حيًّا.

ولنا، أنه أوصى لمن لا تصحّ الوصية له، إذا لم يعلم، فلم تصحّ إذا علم، كالبهيمة. اهـ.

وجاء في منح الجليل للشيخ محمد عليش المالكي: (و) صحّ الإيصاء (لميت علم الموصي بموته) على المشهور، وصرف الموصى به (في دَينه) أي: الميت الموصى له، إن كان عليه دَين (أو وارثه) إن لم يكن عليه دَين، فإن لم يعلم الموصي بموته؛ فلا يصحّ الإيصاء له، ويكون الموصى به لورثة الموصِي. اهـ.

أما الوصية للبنت الموجودة الآن؛ فإنها من باب الوصية للوارث؛ فتمضي إذا أمضاها جميع الورثة، كما سبق في الفتوى: 176025.

ولم تذكر لنا ورثة جدّتك، فقد ذكرتَ أن زوجها قد توفي، وليس لها أولاد ذكور، ولها بنت واحدة على قيد الحياة.

فإن كانت جدّتك ليست لها إخوة، ولا أبناء عمّ، ولا يرثها إلا ابنتها الوحيدة؛ فإن تلك البنت تأخذ نصف التركة فرضًا، والباقي ردًّا.

وعلى أية حال؛ فإنه لا بد من رفع الأمر إلى محكمة شرعية؛ للنظر في تفاصيل هذه المسألة, فإن التركات أمرها خطير جدًّا وشائك للغاية؛ فلا ينبغي -إذن- قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية -إذا كانت موجودة- تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني