الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التهرّب من إلغاء التوكيل الممنوح من الوالدين خوفًا من أن يستغلّهم الأخ العاقّ

السؤال

لي أخ واحد أصغر مني، ووالديّ عملوا لي توكيلًا عامًّا شاملًا لمتابعة أعمالهم؛ لأن أعمارهم فوق السبعين، وهم من يتكفّلون بمصاريف أخي الصغير، ومصاريف عائلته شهريًّا، وأنا أصرف على عائلتي بجهدي وعملي خارج البلاد لأكثر من 13 عامًا، وطلبوا مني فجأة إلغاء التوكيل؛ خوفًا من أن يقعوا في ذنب، وأوضحت لهم أنني لن أستخدمه إلا في أعمالهم عند طلبهم.
وأخاف في نفسي من ضغط أخي عليهم في المصاريف أن يبيعوا أملاكهم، ويعطوه ثمنها، ويعتمدوا على أنني غير محتاج وأعمل، رغم أنني أوضحت لهم أنني في غربة، وأحتاج للاستقرار في وطني؛ حتى لا أضغط عليكم مثل أخي بمصاريفي أنا وعائلتي المكونة من خمسة أفراد، فهل ألغي لهم التوكيل بناءً على رغبتهم؟ وهل من العقوق تهرّبي بالحجج الفارغة؛ لخوفي من نسيانهم لي دائمًا، وأنني لا أحتاج، بينما أخي يأخذ منهم كل ما يحتاجه هو وعائلته، ويقيم بجانبهم؟
وهو عاقّ لهم في معظم الأوقات، ويطلب منهم كل فترة مصروفًا زائدًا؛ مما يضطرهم إلى بيع بعض الممتلكات بسبب ضغطه دون أدب، ويتطاول عليهم، ويكسّر أغراضهم لتلبية طلبه الماليّ الأعلى؛ لذا فأنا أحاول الاحتفاظ بالتوكيل، وفي نفس الوقت أخاف من العقوق بتهرّبي من إلغائه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك طاعة والديك في إلغاء التوكيل، ولا يجوز لك التهرّب والمراوغة، وعصيانك لهما في هذا الأمر عقوق محرم، وراجع الفتوى: 76303.

مع العلم أنّ الوكالة تبطل شرعًا بمجرد عزل والديك لك.

ولا يتوقّف العزل على إلغاء التوكيل في الدوائر الرسمية.

وإذا تصرّفت بمقتضى هذا التوكيل بعدما أعلمك والداك بعزلك من الوكالة؛ فتصرّفك باطل شرعًا؛ قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: وجملته: أن الوكالة عقد جائز من الطرفين؛ فللموكّل عزل وكيله متى شاء... فمتى تصرّف الوكيل بعد فسخ الموكّل، أو موته؛ فهو باطل، إذا علم ذلك. انتهى.

فأطِعْ والديك، وبادِرْ بإلغاء التوكيل في الدوائر الرسمية، واجتهدْ في بِرّ والديك؛ فإنّ بِرّهما من أفضل الطاعات.

وانصحْ لأخيك، ومُرْه ببِرّ والديه، والإحسان إليهما.

واعلم أنّ لوالديك الحقّ في التصرّف في أملاكهما بالبيع، والهبة، وغيرها من التصرّفات المباحة، لكن الراجح عندنا أنّ الهبة للأولاد يجب فيها التسوية بينهم، إلا إذا كانت لبعضهم حاجة تقتضي تفضيله في الهبة، وراجع الفتوى: 6242.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني