الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إبلاغ السلطات في بلاد الغرب عمّن يأخذ مساعدات وهو غير مستحقّ لها؟

السؤال

الشخص الذي لا يجد عملًا، أو يكون مريضًا لا يستطيع العمل؛ تدفع له الرعاية الاجتماعية في بلاد الغرب راتبًا، يكفيه للعيش هو وعائلته، وهذا الراتب يؤخذ من الضريبة التي يدفعها الشخص الذي يعمل.
وهناك أشخاص يَدَّعون كذبًا أنهم لا يجدون عملًا، أو أنهم لا يستطيعون العمل لأنهم مرضى؛ فيحصلون على راتب الرعاية الاجتماعية، ولكنهم في الحقيقة يعملون دون علم الرعاية الاجتماعية، ولو علموا أنهم يعملون فسيقطع عنهم راتب الرعاية الاجتماعية، ولا يحق لهم كذلك السفر خارج البلد الذي يعيشون به أكثر من أربعة أسابيع، وإلا يتم وقف راتب الرعاية الاجتماعية، وهم يسافرون بالأشهر دون علم الجهة المختصة.
وهذا التصرّف يضرّ بنا نحن الذين نعمل، وندفع الضرائب الكبيرة، فهل يجوز شرعًا الإبلاغ عنهم للرعاية الاجتماعية، حتى يضطرّوا للعمل بصورة صحيحة عندما يقطع راتب الرعاية الاجتماعية عنهم؟ وهل تصرّفهم هذا يجوز شرعًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما: "هل يجوز فعلهم ذلك؟"، فالجواب: لا؛ فلا يجوز للمسلم المقيم في تلك الديار أن يكذب على الدولة، ويأخذ مالًا لا يستحقّه وفق شروطهم، كأن يأخذ مالًا على أنه مُعاق، أو غير قادر على العمل، وهو في الحقيقة قادر؛ فهذا من الكذب، وأخذ أموال الناس بالباطل.

وقد ذكر أهل العلم أن أكل مال المعاهد سبب من أسباب عذاب القبر، كما قال ابن القيم في كتابه: الروح، وهو يعدّد أسباب عذاب القبر: ...وآكل مَال أَخِيه الْمُسلم بِغَيْر حق، أَو مَال الْمعَاهد، وشارب الْمُسكر ... اهـ.

ولا شك أن بينكم وبين الدولة التي تقيمون فيها عهدًا بالمحافظة على نظامها، وعدم خيانتها؛ فيجب عليكم الالتزام بهذا العهد فيما لا يخالف الشرع، وقد ذكرنا وجوب الالتزام بشروط المساعدات في الغرب في الفتوى: 62003، كما بينا وجوب ردّ المال المأخوذ بغير حقّ إلى الدولة، وكيفية ردّه في الفتوى: 210907.

وأما إبلاغ السلطات عمن خالف تلك الشروط، فإذا تقرّر أن ما يفعله أولئك المحتالون منكَرٌ؛ فإنه يجري فيه ما يجري في غيره من المنكرات، من حيث إنكارها، وتغييرها عند القدرة على التغيير، فيوجَّه النصح أولًا لمن أخذ تلك الأموال بغير حق، فإن استجاب، وإلا جاز إبلاغ السلطات عنه. وانظر للفائدة الفتوى: 451444.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني