الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طول مدة عادة المرأة بعد وضع اللولب واختلاف صفات الدم، وحكم الطهر المتخلل

السؤال

أنا مرضع، وقد وضعت لولبًا، وقد طالت مدّة دورتي بعد اللولب، حيث تصل ل 14 يومًا، وليست كل الأيام فيها نفس لون الدم، وغزارته، ففي البداية يكون الدم مائلًا للحمرة وخفيفًا جدًّا، فهل أتوقّف عن الصلاة في هذه الحال، أم أنتظر إلى أن يسيل الدم الغامق الغزير الذي يستمرّ عدة أيام؛ ليعود خفيفًا متقطعًا مائلًا للون البنيّ، وقد يفصل بين الغزير والمتقطع يوم، أو بعض يوم من الجفاف؟ أعتذر عن التفصيل والإطالة، لكن كل شهر أحتار في هذا الأمر، ولا أدري هل هذا الدم المتقطع في البداية والنهاية من الحيض أم لا؟
وما حكم صلاتي وصومي في هذه الأيام؟ مع العلم أني لست ممن يرى القصّة البيضاء في الطهر، بل أعتمد على الجفاف، وهل الأحوط لي أن أعدّه استحاضة وأصلّي؟ جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:

فالدم الذي ترينه إن كان بعد مضي خمسة عشر يومًا فأكثر بعد الحيضة السابقة؛ فهذا الدم يعتبر حيضًا؛ لأنه نزل في زمن الحيض، ولو كان لونه خفيفًا، أو غير غزير.

وعليك أن تتركي الصلاة، والصوم، وغير ذلك مما يمنعه الحيض؛ حتى ينقطع الدم، وتري علامة الطهر المعتادة لديك، وهي الجفوف التام -كما ذكرت-، ما لم يجاوز مجموع أيام الدم خمسة عشر يومًا، فإن جاوزها؛ كان استحاضة حينئذ.

وقد ذكرت أن مجموع أيام الدم هي 14 يومًا فقط، ومن ثم؛ فكلها تعتبر حيضًا.

وبالنسبة للطُّهر المتخلّل للحيضة الذي يستمرّ يومًا ونحوه -كما ذكرت-؛ فيعتبر طهرًا، على الراجح، تغتسلين فيه، وتصلّين.

فإذا عاد الدم، أمسكت عن الصلاة؛ حتى يحصل الطّهر، وتري علامته المعتادة، قال ابن قدامة في المغني: فَإِنَّ الْمَرْأَةَ مَتَى رَأَتْ الطُّهْرَ، فَهِيَ طَاهِرٌ: تَغْتَسِلُ، وَتَلْزَمُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ، سَوَاءٌ رَأَتْهُ فِي الْعَادَةِ، أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا.

وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ قَلِيلِ الطُّهْرِ وَكَثِيرِهِ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَّا مَا رَأَتْ الطُّهْرَ سَاعَةً، فَلْتَغْتَسِلْ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ انْقِطَاعَ الدَّمِ مَتَى نَقَصَ عَنْ الْيَوْمِ؛ فَلَيْسَ بِطُهْرٍ؛ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي حَكَيْنَاهَا فِي النِّفَاسِ: أَنَّهَا لَا تَلْتَفِتُ إلَى مَا دُونَ الْيَوْمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ـ إنْ شَاءَ اللَّهُ ـ؛ لِأَنَّ الدَّمَ يَجْرِي مَرَّةً، وَيَنْقَطِعُ أُخْرَى، وَفِي إيجَابِ الْغُسْلِ عَلَى مَنْ تَطْهُرُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ حَرَجٌ، يَنْتَفِي بِقَوْلِهِ: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.

وَلِأَنَّنَا لَوْ جَعَلْنَا انْقِطَاعَ الدَّمِ سَاعَةً طُهْرًا، وَلَا تَلْتَفِتُ إلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ الدَّمِ؛ أَفْضَى إلَى أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ لَهَا حَيْضٌ.

فَعَلَى هَذَا؛ لَا يَكُونُ انْقِطَاعُ الدَّمِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ طُهْرًا، إلَّا أَنْ تَرَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ انْقِطَاعُهُ فِي آخِرِ عَادَتِهَا. اهـ. وراجعي للفائدة الفتوى: 438934.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني