الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكافأة على الشفاعة بين الحل والحرمة

السؤال

كيف نجمع بين حديث: من صنع إليكم معروفًا، فكافئوه. وبين حديث: من شفع لأخيه شفاعة، فأهدى له عليها هدية، فقبلها؛ فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن حديث: من صنع إليكم معروفا، فكافئوه. رواه أبو داود، وغيره، وصححه الشيخ الألباني.

والحديث الثاني أخرجه أبو داود أيضا، وحسن إسناده الشيخ الألباني.

وما يتبادر إلى الذهن من التعارض بين الحديثين، يُزال بأن تحريم الهدية في حديث الشفاعة خاص بأخذ شيء مقابل الشفاعة الواجبة أو المحرمة.

أما غيرها؛ فإن أخذ عوض عليه؛ لا حرج فيه، وهو من باب المكافأة على الإحسان. أو على أن المراد بالحديث الأول ما سوى الشفاعة.

جاء في سبل السلام للصنعاني: فيه دليل على تحريم الهدية في مقابلة الشفاعة. وظاهره سواء كان قاصدا لذلك عند الشفاعة، أو غير قاصد لها. وتسميته ربا من باب الاستعارة؛ للشبه بينهما، وذلك لأن الربا هو الزيادة في المال من الغير لا في مقابلة عوض، وهذا مثله.

ولعل المراد إذا كانت الشفاعة في واجب؛ كالشفاعة عند السلطان في إنقاذ المظلوم من يد الظالم، أو كانت في محظور كالشفاعة عنده في تولية ظالم على الرعية، فإنها في الأولى واجبة، فأخذ الهدية في مقابلها محرم، والثانية محظورة، فقبضها في مقابلها محظور.

وأما إذا كانت الشفاعة في أمر مباح، فلعله جائز أخذ الهدية؛ لأنها مكافأة على إحسان غير واجب. ويحتمل أنها تحرم؛ لأن الشفاعة شيء يسير لا تؤخذ عليه مكافأة. اهـ.

ويقول الشيخ الألباني في كتابه: السلسلة الصحيحة، تعليقا على حديث: من شفع لأخيه شفاعة... إلى آخره: وقد يتبادر لبعض الأذهان أن الحديث مخالفٌ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من صنع إليكم معروفًا؛ فكافئوه، فإن لم تستطيعوا أن تكافئوه؛ فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه». رواه أبو داود وغيره، وتقدم تخريجه.

فأقول: لا مخالفة، وذلك بأن يحمل هذا على ما ليس فيه شفاعة، أو على ما ليس بواجب من الحاجة. والله أعلم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني