الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق مباح عند الحاجة والزنا جريمة في كل الشرائع السماوية

السؤال

أنا إيطالي، أبلغ من العمر 59 عامًا، وأنا على وشك اعتناق الإسلام، ولديَّ شك في أن يتم الرد عليَّ قبل أن أتحول.
أنا متزوج منذ عام 1987.
وفي عام: 2000، حاولنا إنجاب الأطفال دون أن ننجح أبدًا، بسبب مشكلة في زوجتي، وأصبحت علاقاتنا الجنسية نادرة بشكل متزايد.
وفي عام: 2005، بدأت أغش زوجتي مع فتاة تبلغ من العمر 22 عامًا، وفي مساء يوم 8 سبتمبر: أيلول: 2005، قبل أن أخبرها أنني سوف أتركها، أخبرتني زوجتي أنها حامل، ولم تكن لديَّ الشجاعة لإخبارها بأي شيء، وفي اليوم التالي ذهبنا إلى طبيبة أمراض النساء، وهي مسيحية متحمسة، والتي عزت حملها إلى معجزة حقيقية، وكنت ملحدًا، لكنني لم أشعر برغبة في تركها، فشرحت الوضع للفتاة، فقررت مواصلة علاقتنا. وفي عام: 2012، انتقلت إلى ألمانيا معها بذريعة العمل ذهابًا وإيابًا من برلين، لأكون أقرب ما يمكن إلى ابني، وزوجتي لم تعرف أي شيء قط. وابني اليوم يبلغ من العمر 16 عامًا، وأشعر بإحساس قوي بالمسؤولية تجاهه، لكنني أعلم أنه يتعين عليَّ حل هذه الثنائية إذا كنت أريد أن أكون مسلمًا جيدًا، ولا أستطيع أن أتركه لمصيره في سن المراهقة الأكثر كثافة بالإغراءات الخاطئة.
وأطلب فتوى حول هذا الموضوع: هل يجب أن أطلقها فورًا، وأعيش مع الفتاة التي تنتظر منذ 18 عامًا، حتى تنتهي من الوفاء بمسؤولياتي كأب؟
وهل يجب أن أترك ابني وحده مع والدته، التي تربطه بها علاقة سيئة للغاية، مع المجازفة بأن يجد نفسه بدون توجيه، وقد يتخذ قرارات خاطئة؟ وهل يجب أن أخاطر بممتلكاته بالكامل، والتي قمت بتسجيلها بالفعل باسمه، ولكن والدته هي الوصي القانوني عليه حتى يبلغ سن الرشد في مايو: 2024؟
أم أترك الشخص الذي أحبه لمجرد أنني متزوج من امرأة لا أحبها، ولا تربطني بها علاقة جنسية أو عاطفية؟
وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا أولا نرحب بك أيها السائل في موقعنا، ونشكرك على ثقتك بنا، ونسأل الله تعالى أن يشرح صدورنا جميعا للحق والانقياد إليه، وأن يجعلنا وإياك مفاتيح للخير، مغاليق للشر.

وقد فهمنا سؤالك، والحالة التي تعانيها، وجوابنا يتلخص فيما يلي:

أولًا: الزنا جريمة بشعة، ومحرمة في كل الشرائع السماوية، حتى في شريعة المسيح عيسى -عليه السلام-، ونحن -المسلمين- نروي في كتبنا عن المسيح عليه السلام أنه قال: لَا يَكُونُ الْبَطَّالُونَ حُكَمَاءُ، وَلَا تَلِجُ الزُّنَاةُ مَلَكُوتَ السَّمَاءِ. اهــ.

فالواجب عليك -أيها السائل- قطع علاقتك بتلك الفتاة التي تعيش معها في الحرام، بغض النظر عن رغبتك، أو عدم رغبتك في العودة إلى زوجتك التي لا تحبها.

ثانيًا: إذا كنت تحب تلك الفتاة، ويشق عليك أن تفارقها: فقد فتح الله لك باب الزواج، فيمكنك أن تتزوجها بدل أن تعيش معها في الزنا، وقد قال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: لَمْ يرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ.

فالزواج ممن تحبها هو أفضل الأدوية التي تطفئ نار الشهوة، فلم تعدل عن الحلال إلى الحرام؟

ثالثًا: إذا كان الزواج من امرأة ثانية ممنوع في الشريعة التي تؤمن بها، فاعلم أن الله تعالى نسخ كل الشرائع السابقة بالشريعة التي أنزلها على عبده، ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، الذي بشر به المسيح عيسى -عليه والسلام-، وقد ذكرنا شيئا من البشارات التي وردت في إنجيل: متى، ولوقا، ويوحنا، وتبشر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- في عدة فتاوى سابقة، فانظر مثلا الفتوى: 111652، والفتوى: 77017، والفتوى: 74263، والفتوى: 256534.

وهذه الشريعة الخاتمة أباح الله فيها للرجل الزواج بأكثر من واحدة، فقال سبحانه وتعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}.

ولهذا التشريع مقاصد نبيلة بينها أهل العلم، وقد ضمناها الفتوى: 2286.

وإذا جمعت بين زوجتك الأولى، وبين الزواج من تلك الفتاة التي تحبها، خرجت من الوقوع في الحرام، ومن هذه الدوامة التي تعيشها، وتمكنت من رعاية ابنك، والقيام على شؤونه، ولذا، فإننا ندعوك -أيها السائل- للدخول في دين، وشريعة هذا النبي -صلى الله عليه وسلم-، الذي بشَّر به المسيح، وتَرْك ما سواه من الشرائع المحرفة، التي لعبت بها أيدي القسيسين والرهبان، والتفكير بعقل المنصف في الثقافة المنكوسة، التي تستنكر تعدد الزوجات، وتقبل تعدد العشيقات.

رابعا: إذا تعذر عليك البقاء مع زوجتك الأولى، ووجدت من نفسك نفورًا عنها، فإنه لا يحرم عليك -وفق هذه الشريعة الخاتمة لكل الشرائع- أن تطلقها، والطلاق في مثل هذه الحال هو عين العقل والحكمة، فإن المقصود من الحياة الزوجية إقامة بيت مستقر، ملؤه الحب والرحمة والاستقرار، فإذا خلا البيت من هذا المقصود، انقلبت الحياة الزوجية إلى تعاسة وشقاء، ولم يبق حينئذ فائدة من استمرارها، فأباح الله الطلاق، كمخرج من تلك الحياة التعيسة.

خامسًا: احرص على القيام برعاية ابنك، وإصلاحه، ولا تتركه فريسة لتلك المجتمعات المنهارة أخلاقًا، ودينًا، واجتهد في إصلاح ما أخطأت فيه سابقا من إهمال تربيته، فلعل الله تعالى أن يجعلك سببا في هدايته.

وأخيرا؛ نسأل الله تعالى أن يشرح صدرك للإسلام، وأن يجعلك من الهداة المهتدين.

وانظر للأهمية الفتوى: 452809، والفتوى: 53029، والفتوى: 10326، والفتوى: 132615، والفتوى: 132747.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني