الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحميل الخسارة أو جزء منها في المضاربة على المضارب

السؤال

أعمل في جمعية خيرية كمدقق داخلي، وللجمعية شركة تعمل في مجال تجارة الأدوية، والأنشطة المتعددة، وتم الاتفاق مع شركة عربية تعمل في مجال التجارة والمقاولات على الاستثمار بصيغة المضاربة، والشركة العربية: رب المال، والشركة التابعة للجمعية: مضارب، لأنها تملك سوقًا واسعًا من الصيدليات، والتي تعتبر منافذ لتوزيع وبيع الأدوية، وتوزع صافي الأرباح كالآتي: 80%، لرب المال، و20%، للمضارب.
وفي عام: 2015 لحقت بالمضاربة خسارة، فرفض مدير الجمعية إرسال تقرير لرب المال بأن النشاط قد لحقت به خسائر، وبرَّر ذلك بأن رب المال شخص لا يتقبل الخسارة، وستفقد الجمعية تعاونه معها في طرق أبواب المحسنين في تلك الدولة العربية، وكان توجيهه أن يتم الآتي:
50%، من الخسارة تتحملها الجمعية، و50%، من الخسارة يتحملها المضارب -الشركة المملوكة للجمعية-. وتم ذلك، وأرسل بعدها التقرير لرب المال، فهل تلك التعاملات صحيحة، والمبررات مقبولة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمبررات المذكورة في السؤال غير مقبولة، والمعاملة الموصوفة لا تصح؛ فالمضاربة الشرعية إذا حصل فيها خسارة، يخسر كل من المضارب وصاحب رأس المال ما شارك به، فيخسر المضارب جهده، ويخسر صاحب المال رأس ماله، ولا يضمن المضارب شيئا من المال، إلا في حال التعدي، أو التفريط. ولا يتغير هذا الحكم حتى ولو اشترط رب المال على المضارب، أو اشترط هو على نفسه أن يشارك في الخسارة، فهذا الشرط باطل باتفاق الفقهاء، ويبقى العقد صحيحا عند الجمهور.

قال الخرقي في مختصره: إن اتفق رب المال والمضارب على أن الربح بينهما، والوضيعة عليهما، كان الربح بينهما، والوضيعة على المال. اهـ.

وقال ابن قدامة في شرحه المغني: وجملته أنه متى شرط على المضارب ضمان المال، أو سهما من الوضيعة، فالشرط باطل، لا نعلم فيه خلافا، والعقد صحيح، نص عليه أحمد، وهو قول أبي حنيفة ومالك. اهـ.

ثم إن مدير الجمعية الخيرية يده على أموال الجمعية يد أمانة ووكالة، فيلزمه عمل الأصلح فيها: حفظا، واستثمارا، وإنفاقا، فإن هذا هو مقتضى الوكالة، وخاصة في الأعمال الخيرية.

قال ابن حجر الهيتمي في إتحاف ذوي المروة والإنافة، بما جاء في الصدقة والضيافة: الوكيل يلزمه رعاية ‌الأصلح ‌لموكله. اهـ.

وقال ابن النجار في معونة أولي النهى، وتبعه البهوتي في دقائق أولي النهى: إطلاق الوكالة إنما يملك به الوكيل فعل ‌الأحظ ‌لموكله. اهـ.

ولا يخفى الضرر البالغ في تحميل: 50%، من الخسارة على الجمعية دون وجه حق، ولا مسوغ شرعي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني