الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أَخْذُ أموال المتبرعين ودَفْعُها لمؤسسة خيرية بين الجواز وعدمه

السؤال

أنا متطوعة بإحدى المؤسسات الخيرية التي تجمع التبرعات، لكي تشتري بها أشياء مثل الوجبات وغيرها، وتوصلها للأسر المستحقة -حسب ما يقولون- وهي مرخصة بالقانون، ولكنهم في منطقتي لا يملكون جميع التصاريح اللازمة، وبالتالي: فعملهم محدود بعض الشيء، وما نقوم به هو فقط جمع التبرعات من أصحاب المحلات، والمتاجر في الشوارع، ولكنني أسلم هذه التبرعات لأحد المسؤولين بالجمعية، ولا أتصرف فيها، ولا أعلم أين تذهب بالضبط -وحسب قولهم فإنها تذهب للأسر المستحقة، ولكنني لم أر ذلك سوى في مواقع التواصل من خلال الفيديوهات التي يوثقون بها عملهم، ولم أر أيضا شيئًا يجعلني أشك في كونهم يوصلونها للأسر المستحقة- وبمعنى آخر: فأنا لا أعلم إن كانوا بالفعل يوصلونها للأسر المستحقة أم لا، فأنا لم أر هذا، ولا ذاك بعيني، أي لا أجد دليلا يدينهم، فأقول إنهم لا يوصلونها للمستحقين، وفي نفس الوقت لا أجد دليل صحة قوي، في أنهم يوصلون للمستحقين سوى ما ينشرونه على مواقع التواصل، ولا أعلم إن كان هناك جزء من هذه التبرعات يسرقه أحد من المسؤولين، وهذا ما يخيفني، فما الحكم بالنسبة لي كجامعة للتبرعات من الناس؟ وهل أتحمل الذنب إذا لم تصل للأسر المستحقة، وأخذها المسؤولون بدلًا من ذلك؟ أم أنه لا يقع على عاتقي شيء سوى إيصالها للمسؤول في المؤسسة؟ وقد قال لي أحد المتبرعين في إحدى المرات: إن لم يكن هذا المال لله فحسبنا الله ونعم الوكيل فيكم، وقد هزتني الجملة وشعرت بالذنب، لكوني لا أدري أين تذهب التبرعات بالضبط؟ فأرجو الإجابة الوافية المتضمنة لما يقع على عاتقي كجامعة للتبرعات من مسؤولية أمام الله، ويشهد الله أنني لا أفعل ذلك سوى لله، ولكي يكون هذا العمل في ميزان حسناتي.
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إذا دفع المتبرعون تلك الأموال إليك ظنًّا منهم أنك ستتولين بنفسك توزيعها على مستحقيها، فليس لك أن تعطيها للمؤسسة الخيرية لتتولى توزيعها، لأنك والحالة هذه أنت وكيلة عن المتبرعين في إيصال الأموال لمستحقيها، والوكيل لا يوكل غيره إلا بإذن الموكل، وقد فصلنا هذه المسألة في الفتوى: 189623. عن حكم الموكَّل في توزيع الزكاة إذا وكَّل غيره.

وأما إذا أعطاك المتبرعون تلك الأموال مع علمهم أنك لست المسؤولة عن توزيعها، وإنما متبرعة للمؤسسة تستلمينها نيابة عنها، فأنت في الحقيقة وكيلة عن المؤسسة في قبض الأموال من المتبرعين، وإذا كنت في شك من أمانة القائمين على المؤسسة، فليس لك أن تخاطري بأموال الناس، وتدفعيها إلى من تشكين في أمانتهم، بل لا بد من العلم، أو غلبة الظن أنهم فعلا يوصلون الأموال إلى مستحقيها.

وقد نَصَّ الفقهاء على أنه يشترط في الوكيل في توزيع الزكاة أن يكون ثقة، كما قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً، نَصَّ عَلَيْهِ. اهــ.

وفي الفروع لابن مفلح الحنبلي: وَلَا بُدَّ من كَوْنِ الْوَكِيلِ ثِقَةً. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني