الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استحلال أموال الناس بغلبة الظن بين الجواز وعدمه

السؤال

أعمل عند صاحب محل يبيع مثلجات، سألته ذات مرة هل يمكنني أن أعطي عائلتي مثلجات مجانًا؟ فلم أسمع جوابه جيدًا، ولكن غلب على ظني أنه وافق. فهل يمكنني اعتماد غلبة الظن في هذه المسألة دون سؤاله مرة أخرى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل هو حرمة مال الغير إلا بطيب نفسه، كما أن الأصل أن يُعرف طيب نفسه بالعلم لا بالظن، ولذلك نرى أنه لا يمكنك الاعتماد على غلبة ظنك، ما دام تحصيل اليقين متيسرًا، فإن غلبة الظن في استحلال أموال الناس لا يعمل بها إلا عند تعذر العلم بسبب الإباحة.

قال القرافي في «الذخيرة»: القاعدة السابعة: أن الأصل في التكاليف أن تقع بالعلم لقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}، ‌ولما ‌تعذَّر في أكثر الصور، أقام الشرع ‌الظن مقامه؛ لغلبة إصابته، وندرة خطئه، تقديمًا للمصلحة الغالبة على المفسدة النادرة، وبقي الشك ملغى إجماعًا. اهـ.

وقال ابن مودود الموصلي في «الاختيار لتعليل المختار»: غلبة ‌الظن دليل في الشرعيات لا سيما عند ‌تعذر ‌اليقين. اهـ.

وقال أبو الخطاب الكلوذاني في «التمهيد في أصول الفقه»: لا يجوز ‌للمتمكن ‌من ‌العلم ‌العدول عنه إلى ‌الظن. اهـ.

وقد سبق لنا في الفتوى: 471499بيان أن الظن الغالب يصح العمل به في المسائل التي لا يمكن تحصيل العلم فيها.

ويتأكد هذا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: دع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك. رواه أحمد والترمذي وصححه، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني.

وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. رواه البخاري ومسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني