الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إدارة الراتب بين النفقة والادِّخار والصدقة

السؤال

أنا متزوج، وعندي طفلة عمرها عام، وأعمل، وراتبي تقريبًا في حدود 7 آلاف.
بخصوص الصدقة: سمعت كثيرًا عنها، وأن الصدقة على الأقربين أفضل، لكني لا أعلم كيف أتصدق، وأبحث عن كيفية إدارة راتبي على بيتي، وادخاري وصدقتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أن عيالك وأهل بيتك هم أولى من تصدقت عليهم، ونفقتك على زوجتك وابنتك تحتسبها وهي لك من أفضل الصدقات، فعن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: دِينَارٌ أَنْفَقْته فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْته فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك. أخرجه مسلم.

وعند مسلم أيضًا من حديث ثوبان -رضي الله عنه-: أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: بَدَأَ بِالْعِيَالِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُمُ اللَّهُ أَوْ يَنْفَعُهُمْ اللَّهُ بِهِ وَيُغْنِيهِمْ.

وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُ: وَإِنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك. متفق عليه.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لَهَا فَأَطْعَمْتهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلْهَا فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْت الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنْ النَّارِ. رواه مسلم.

والنصوص في هذا المعنى كثيرة جدًا، فالمقصود أن عليك أن تبدأ بأهلك فتكفيهم حاجتهم، وينبغي أن تحتسب في نفقتك عليهم، وتنوي بها التقرب إلى الله تعالى؛ ليعظم أجرك، ثم إذا فضل عن حاجتك وحاجة من تمونه شيء، فيستحب لك الصدقة على المحتاجين، ففضل الصدقة وأجرها عظيم، ولك إن تصدقت بما فضل الخلف من الله تعالى، كما قال قال جل اسمه: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ: 39}.

والآيات والأحاديث في فضل الصدقة والحث عليها لا تحصى كثرة.

وأما كيفية إدارة شؤونك فأنت أدرى بها، فتقدم الأولى فالأولى، وتبدأ بالضرورات ثم الحاجيات وتجعل نفقتك قصدًا لا إلى الإسراف ولا إلى التقتير، امتثالًا لقوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا {الفرقان: 67}.

وتستعين الله تعالى على شأنك كله، وتسأله البركة في الرزق، والزيادة فيه. نسأل الله أن يوسع عليك وعلى المسلمين من واسع فضله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني