الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأفضل مساعدة الولد على دفع الكراء، أو إطعام الأباعد؟

السؤال

أيهما أفضل: مساعدة ولدي على دفع الكراء، أم شراء طعام؟ وأيهما أكثر أجرًا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان السؤال عن أفضلية دفع الكراء عن الولد، أو إطعام الأباعد؛ فالجواب أن في كلا الأمرين خيرًا إن شاء الله.

ولعل مساعدة الولد أفضل من شراء الطعام للأباعد، لا سيما إن لم يكونوا ذوي فاقة؛ لما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة، وصلة. أخرجه الترمذي.

وفي الصحيحين عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، قام أبو طلحة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه، وبني عمه.

وفيهما عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر إلى المصلى، ثم انصرف، فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة، فقال: أيها الناس، تصدقوا، فمر على النساء، فقال: يا معشر النساء، تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للب الرجل الحازم، من إحداكن، يا معشر النساء، ثم انصرف، فلما صار إلى منزله، جاءت زينب، امرأة ابن مسعود، تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله، هذه زينب، فقال: أي الزيانب؟ فقيل: امرأة ابن مسعود، قال: نعم، ائذنوا لها، فأذن لها، قالت: يا نبي الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حُلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود: أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم.

وفيهما عن زينب امرأة عبد الله قالت: كنت في المسجد، فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: تصدقن ولو من حُليكن، وكانت زينب تنفق على عبد الله، وأيتام في حجرها، قال: فقالت لعبد الله: سل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيجزي عني أن أنفق عليك، وعلى أيتام في حجري من الصدقة؟ فقال: سلي أنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانطلقت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فوجدت امرأة من الأنصار على الباب، حاجتها مثل حاجتي، فمر علينا بلال، فقلنا: سل النبي -صلى الله عليه وسلم- أيجزي عني أن أنفق على زوجي، وأيتام لي في حجري؟ وقلنا: لا تخبر بنا، فدخل فسأله، فقال: من هما؟ قال: زينب، قال: أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله، قال: نعم، لها أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني