الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقوع الطلاق ينبني على نية الزوج فيما تلفظ به

السؤال

أنا متزوج منذ: 22 عاما، وتحدث بيني وبين زوجتي خلافات بسبب الشك، والغيرة الشديدة مني، فقلت لها ستكونين طالقا مني بالثلاثة إذا خنتني، أو إذا خنتني بالشات مع رجل آخر، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونيتي هنا إن تعرفت على رجل آخر بغرض علاقة محرمة، أو أنك عند خروجك من العمل قابلت زميلا لك، فقام بمسايرتك في الطريق، وتوصيلك، وكانت نيتي هنا أنني أشك في علاقتها به علاقة خاصة، أو أنها متساهلة، أو كلمت أحدا من الرجال في العمل خارج إطار حدود العمل، ونيتي هنا أنها تساير الرجال في الضحك، وأحاديث تجرح كرامتي كرجل، ولكن في هذه المسألة لم أقصد أنها تمتنع عن الحديث بصفة نهائية، ولكن في حدود الاحترام، فهذه كانت نيتي، وأنا أقول لها طالق بالثلاثة، وقد أخبرتني بعد تفاهمنا وتصالحنا أنها قد تتعرض لبعض المواقف التي قد تسبب مشاكل في يمين الطلاق، فطبقا لظروف العمل قد يتم الحديث بين مجموعة الموظفين -وهي منهم- عن مشاكل العمل، أو غلاء المعيشة، داخل نطاق الأدب، وأنا لا أعترض على ذلك في نيتي... ولكن كان هدفي من قول ذلك هو خوفي من أن تكون هناك خيانة، أو شبهة خيانة، فهدتها بذلك، وعزمت النية عند قولي بذلك، لأنني لا أقبل العيش مع زوجة تخونني... أما الكلام العادي طبقا لظروف العمل، أو الحياة، فلم أخصه، لأنها تعمل سكرتارية، ولا بد لها من التعامل مع الجمهور، ونيتي كانت الخيانة فقط لحظة التلفظ بالقول، وقد تكلم المدرسين الذين يدرسون أولادي على الشات، أو شراء منتج ما، ولم تكن نيتي لحظتها منعها عن ذلك، بل تهديدها إذا كانت تخونني دون معرفتي... وأنا في حيرة من أمري الآن، من قولها: ماذا أفعل إذا تكلمت مع زميل في أمور عادية؟ وهل يقع الطلاق؟ أم ماذا؟ وقد قلت ما قلت من نار الغيرة عليها، وحبي بعد: 22 عاما، وما كنت أقصده هو الخيانة بأي شكل من الأشكال لحظة النطق فقط، ولم أكن أقصد التعامل مع الناس في الأمور العادية، فهل يقع الطلاق في هذه الحالة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعتبر في حنثك في اليمين المذكورة في السؤال؛ هو قصدك، ونيتك بما تلفظت به؛ فالراجح عندنا؛ أنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق؛ قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له....... والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها: أن ينوي بالعام الخاص.......

ومنها: أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.

وعليه؛ فما دمت لم تقصد بيمينك منع زوجتك من مكالمة الرجال، ومراسلتهم عند الحاجة على وجه مباح، ولكن قصدت منعها من الكلام، والمراسلة على وجه مريب؛ فلا تحنث في يمينك بمكالمة زوجتك، أو مراسلتها للرجال الأجانب على وجه غير مريب، ولا يقع طلاقك عليها بذلك، وانظر الفتوى: 482236

واعلم أنّ هذا المسلك الذي سلكته مع زوجتك غير قويم، فتعليق الطلاق، والتهديد به ليس هو السبيل الرشيد لإصلاح الزوجة، والحفاظ عليها، ولكن على الرجل أن يقوم بحقّ القوامة على زوجته، ويسدّ عليها أبواب الفتن، ويجنبها مواطن الريبة، ويحسن الظنّ بها، كما أنّ الغيرة إذا جاوزت حدها، وكانت في غير ريبة؛ كانت مذمومة، وأفسدت، وأوقعت فيما لا يحمد عقباه، وراجع الفتوى: 446509.

وننوّه إلى أنّ الأصل في عمل المرأة أن يكون في مكان لا يختلط فيه الرجال بالنساء، فالواقع شاهد بمفاسد هذا الاختلاط، وما يترتب عليه من بلايا، ومصائب.

وإذا احتاجت المرأة إلى العمل في مكان تخالط فيه الرجال؛ فعليها أن تقف عند حدود الله تعالى، وتراعي ضوابط الشرع في معاملة الرجال الأجانب؛ فعليها اجتناب الخلوة، والاختلاط المريب، والاقتصار في التعامل معهم على قدر الحاجة، والحرص على غض البصر، وراجع الفتوى: 386785.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني