الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تصرف الولد إذا آذى أبوه أمه وأساء إليها

السؤال

لي أب، وأم، كلاهما عنده عمل، فأبي كان يعمل في بقالة منذ سنوات، ولكنه الآن يرعى أرضا لوالده، وأرضا لوالدتي، ووالدتي تعمل كفنية في معمل بالتأمين، وأنا حديثة عمل، وعلاقتي بأمي جيدة، وعلاقتي بأبي جافة منذ سنوات، وهناك حاجز بيننا، فالحديث قليل، ولا أعرف شعوره تجاهي، فأنا أكبر أولاده، وحاليا أعمل كمهندسة، ومنذ بداية الثانوية تقريبا والفجوة بيننا تتسع، ولا أعرف السبب، ولكن أبي بشكل عام معاملته معنا جافة.... وهو إما في العمل، أو نائم، والحديث قليل، وليس معي فقط، ومؤخرا كان حاضرا في البيت بكثرة، وهذا زاد من المشاكل، ويغضب بسبب، وبدونه.. وأحيانا أرى أنه يحاول تقليص الفجوة بينه وبيننا، ولكن معاملته أقرب إلى السوء -والله يسامحني إن كنت مخطئة- ومؤخرا كانت تزيد المشاكل... وكانت معظم الأعباء على أمي، أما الآن فهو موجود، وإذا حدثت مشكلة مع وجوده كانت تتسع وتسوء.. وهو لا يعرف كيف يحتوي الأمر... ولكننا للأسف نتحمل تبعات الأمر، وإذا غضب فإنه يسب ويدعو علينا، وسماع هذا.... يحرق قلبي.. وأمي الله يعوضها خيرا، ويبارك في صحتها- أبدا لا تدعو، ولا تسب أحدا، ولذلك كثرة سماع ذلك مؤخرا كان يرهقني، خاصة وأنه يسب، ويدعو على أمي، وهي لم تفعل ما يستوجب ذلك، والله شاهد على ذلك، ولا تتخذ موقفا، وهو يكرر... وعندما أحدثها بعد ذلك تجد له الأعذار، ومنذ فترة كنت حاضرة، وسمعته يدعو عليها، ويسب، ورأيت أمي تبكي، وتقول حرام عليك، الله يسامحك، فسألتها عما حدث، فقالت لم يحدث شيء، فكررت سؤالي، فقالت والله لم يحدث شيء، وكنت أعرف أن كلامها صحيح، فقلت لها أمامه -وهو يسمعني- قولي حسبي الله، وقلت أنا حسبي الله ونعم الوكيل، وكررتها على مسامعه أكثر من مرة، فغضب، وأمي تحاول إسكاتي، فغضب أكثر، فدعا علي، وسبني وأنا أكرر.. وبعدها أصبح لا يخاطبنا -أنا وأمي- وهو مهمل في طعامه، فهل يجوز لي أن أقول ذلك؟ وما العمل في ظل هذا الجفاء؟ أقسم أن قلبي لم يكن بهذه القسوة، لكن الوضع سيئ، وإخوتي معاملتهم لأمي معظم الأوقات سيئة، وإذا ساء الأمر فهناك من يسب، وهناك من يمد يده، وهذا يمزق قلبي، أقسم أنني أحاول معهم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحقّ الوالد على ولده عظيم، ولا يسقط حقّه بظلمه ولده، أو إساءته إليه، وراجعي الفتوى: 114460.

وقولكِ: حسبي الله ونعم الوكيل- وإن كان في ذاته ليس دعاء على الوالد، ولا إساءة إليه؛ إلا أنّه في عرف كثير من الناس؛ يعد دعاءـ وإساءة إلى من قيلت له؛ فعليكِ الاعتذار من أبيك، وطلب المسامحة منه، والحرص على برّه، والحذر من الإساءة إليه، ولا مانع من النصيحة له، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، وخصوصا فيما يتعلق بإساءته لأمّكِ، لكن برفق، وأدب من غير إغلاظ، ولا إساءة، فإنّ أمر الوالدين بالمعروف، ونهيهما عن المنكر ليس كأمر ونهي غيرهما، قال ابن مفلح الحنبلي –رحمه الله: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.

وعليكِ أمر إخوتكِ بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وحثهم على بر الوالدين، وحسن الخلق.

وللفائدة ننصحكِ بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني