الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل الصبر على أذى الأم

السؤال

أمي تعاملني معاملة شديدة الإهانة منذ الصغر، وتذكرني بالذنوب وما قد فعلته سابقا بعد الكِبر: من صوت عال وخصومة بيننا، وتكسير لأشياء في المنزل، ووقوف أمامها وإمساك ليدها ومنعها من الحركة. وبالرغم من أني والله يكاد قلبي ينقبض مما فعلت، ولكن أُشهد الله أنني قد تأذيت أشد الأذى والألم مذ كنت صغيرا من والدتي حتى أصبحت على هذه الحال.
وبعد أن قمنا بإصلاح الأمر بيننا أكثر من مرة، تقوم بتذكيري بكل ما فعلت سابقا، وهذا ما يحرقُ قلبي حتى يجعلني أقوم وأنفعل وأقوم بتكسير أشياء في المنزل لقسوة ما تقول، ولأنها تنقض عهدها معي بعد الاتفاق، وأشهد الله أنني أصبحت أكثر ما يكون طاعة بالرغم من أنها تحاول أن تُكثر الضغط عليَّ في أمور كثيرة وأقوم بفعلها من أجل ألا تغضب، لكن ذلك لا يُجدي نفعا.
أيضا قد كنت أرى من أمي سوءًا في معاملة والدتها، وكانت كثيرا ما تغضب عليها في كبرها وهي مريضة طريحة الفراش، وكانت تتأفف من خدمتها.
سولت لي نفسي: هل أكون أنا عِقابا لها على ما فعلت!! لأنني لست بهذه الأخلاق، فأنا أحفظ القرآن بل وأُحَفِّظه أيضا.
فكيف أكون إذا في هذه الحال!! كيف لي أن أعاملها بالرغم من أن معاملتها معي أشد ما تكون من الإيذاء النفسي لي؟
ما الذي يرضي ربي في معاملة أمي بعد هذا السرد؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك التوبة مما سبق منك من الإساءة إلى أمّك والتقصير في حقّها.

وعليك أن تبرّ أمّك وتحسن إليها وتصبر عليها؛ فحقّها عليك عظيم، ومهما أساءت إليك أو ظلمت؛ فلا يسقط ذلك حقّها عليك.

فقد عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما.

وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهماـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.

وحقّ الأمّ آكد من حقّ الأب؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك».

وكونها قصرت في بر أمّها أو أساءت إليها؛ ليس مسوّغا لك للتهاون في برها والقيام بحقّها؛ فعملها يحاسبها عليه ربها، وعملك أنت محاسب عليه. وراجع الفتوى: 113446

فاحذر من مكائد الشيطان وحيل النفس؛ واستعن بالله واصدق في التوبة، واجتهد في برّ أمك والإحسان إليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني